مقديشو برس
في تطور سياسي يُنظر إليه بوصفه خطوة أولى نحو ترسيخ الممارسة الديمقراطية في الصومال، تفقد رئيس الوزراء حمزة عبدي بري اليوم الأربعاء، مراكز تسجيل الناخبين في العاصمة مقديشو، حيث تتواصل عملية تسجيل المواطنين الراغبين في الحصول على بطاقاتهم الانتخابية، تمهيدًا لأول اقتراع شعبي بنظام “شخص واحد، صوت واحد” بعد غياب 56 عاما.
العملية التي انطلقت رسميًا يوم أمس تحت إشراف اللجنة الوطنية المستقلة للانتخابات، تمثل منعطفًا حاسمًا في مساعي الصومال للتخلص من نظام المحاصصة العشائرية، الذي هيمن لعقود على المشهد السياسي، وأضعف مؤسسات الدولة، وأقصى إرادة المواطن عن معادلة اختيار قادته.
وخلال جولته التفقدية في مركز تسجيل الناخبين بمديرية شنغاني، أشاد رئيس الوزراء بإقبال المواطنين على التسجيل، واصفًا الحدث بـ”اليوم التاريخي” الذي يستعيد فيه الشعب الصومالي حقه الدستوري المسلوب، وقال: “الذين ظلوا يزعمون أن انتخابات شخص واحد، صوت واحد لن تحدث في هذا البلد، تكذبهم هذه الصفوف الطويلة من المواطنين المستعدين لتقرير مصيرهم بأيديهم.”
ودعا حمزة المواطنين في كافة أنحاء البلاد إلى المسارعة بالتسجيل، مؤكداً أن هذه الخطوة تضع نهاية لمسار سياسي طالما احتكر القرار الوطني داخل غرف مغلقة، وأبقى الشعب مجرد متفرج على قضاياه المصيرية.
من جهتها، أعلنت اللجنة الوطنية للانتخابات أن عملية تسجيل الناخبين ستتواصل في جميع مديريات العاصمة خلال الأيام المقبلة، قبل أن تمتد تدريجيًا إلى ولايات هيرشبيلي، وغلمدغ، وجنوب الغرب وخاتمو. بينما تظل ولايتا جوبالاند وبونتلاند خارج المسار الانتخابي في هذه المرحلة، بسبب خلافات سياسية لم تُحسم بعد حول آليات إدارة العملية الانتخابية وتنظيمها.
ويرى مراقبون أن انطلاق عملية التسجيل، على الرغم من التحديات الأمنية والسياسية، يعكس رغبة واضحة لدى القيادة الصومالية في نقل البلاد إلى مرحلة جديدة قوامها الشفافية والشراكة الوطنية، واحترام إرادة المواطن في رسم ملامح مستقبله السياسي، بعد سنوات طويلة من التهميش والتجاذبات.
ويُنظر إلى هذه التجربة الانتخابية الوليدة بوصفها اختبارًا حقيقيًا لمدى قدرة الصومال على تجاوز أزماته المتراكمة، وفتح صفحة سياسية جديدة يمكن أن تعزز استقراره وتعيد ثقته بنفسه وبمؤسساته، وسط تطلعات واسعة بأن تشكل الانتخابات القادمة منعطفًا حاسمًا نحو بناء دولة قائمة على التمثيل الشعبي والإرادة الحرة.