مقديشو برس / بقلم الصحفي أحمد محمد أحمد
أعلن حزب “سمدون” الصومالي عن انطلاقة جديدة لبرنامجه السياسي تحت شعار “الشفافية والتنمية”، وذلك خلال لقاء جماهيري حاشد عُقد في العاصمة مقديشو في 21 أبريل الجاري. ويرتكز البرنامج على ست أولويات رئيسية تشمل: الأمن، والعدالة، والاقتصاد، والحوكمة الرشيدة، والمساءلة، وتطوير البنية التحتية، مع التركيز على توسيع الخدمات العامة للمواطنين وتعزيز الوحدة الوطنية.
وفي كلمته أمام الحشود، ثمّن السيد عبد القادر معلم نور، الرئيس الجديد لحزب “سمدون”، الجهود التي بذلتها القيادات السابقة في ترسيخ أسس الحزب، مؤكدًا أن البلاد تمر بمرحلة دقيقة تتطلب قيادة سياسية رشيدة لمواجهة التحديات الأمنية والسياسية الراهنة، إلى جانب قضايا الوحدة الوطنية والسيادة الترابية.
وقال معلم نور: “نحن ملتزمون بتحقيق رؤية لصومال آمن، ومستقر، وموحد، ومزدهر، وقوي يمتلك مؤسسات دولة فعالة”.
وأضاف: “نؤمن بأهمية التعايش السلمي، والسياسة الخارجية المتوازنة، والتعاون الدولي، وسنسعى إلى مواكبة النظام العالمي بما يحقق مصالح الأمة الصومالية”.
وفي ختام كلمته، أعلن عبد القادر معلم نور ترشحه رسميًا لرئاسة جمهورية الصومال في الانتخابات المزمع إجراؤها منتصف عام 2026، لتكون أول انتخابات مباشرة من نوعها منذ أكثر من خمسين عامًا.
من جهته، أكد نائب رئيس الحزب، السيد عبد القادر شيخ علي بغدادي، أن “سمدون” يضم في صفوفه عددًا من الشخصيات المؤثرة ذات تجارب سياسية واسعة، مشيرًا إلى أن الحزب يستند إلى رؤية تستجيب لتطلعات المواطنين في الأمن، والعدالة، والنمو الاقتصادي. كما شدد على التزام الحزب بإصلاح مؤسسات الدولة وتعزيز مشاركة المواطنين في صنع القرار.
ويُذكر أن الرئيس ونائبه كلاهما شغلا سابقًا مناصب برلمانية وحكومية، إضافة إلى أدوار بارزة في مجالات إنسانية وتعليمية، ومبادرات وطنية للمصالحة.
محاور البرنامج السياسي
يضع حزب “سمدون” عبر برنامجه السياسي رؤية شاملة لإعادة بناء الدولة الصومالية على أسس قوية، وتتمثل أبرز ملامحه في:
الأمن: يعتبر الأمن الوطني أولوية قصوى، ويسعى الحزب إلى توحيد وتطوير الهيكل الأمني بين الحكومة الفيدرالية والولايات، إلى جانب تحديث قدرات القوات المسلحة والشرطة، واعتماد استراتيجيات فعالة لمكافحة الإرهاب وتجفيف منابعه.
العدالة: يدعو الحزب إلى إصلاح شامل للنظام القضائي، يشمل تحديث القوانين، وتحسين البنية التحتية للمحاكم، وضمان وصول العدالة إلى كافة المناطق، خاصة النائية، مع تحسين أوضاع السجون وتطبيق المعايير الإنسانية.
الاقتصاد: يركز الحزب على تنمية الاقتصاد الوطني من خلال استغلال الموارد الطبيعية، وتنشيط قطاعات الزراعة، والثروة الحيوانية، والسمكية، إضافة إلى دعم السياحة والطاقة المتجددة. كما يشجع على دعم المشاريع الصغيرة والمتوسطة لخلق فرص عمل مستدامة.
الشفافية والمساءلة: يسعى الحزب إلى بناء إدارة حكومية شفافة تعتمد على إصلاح الجهاز الإداري، وتفعيل مؤسسات الرقابة، والانتقال إلى رقمنة الخدمات الحكومية لتسهيل وصول المواطنين إليها.
التعاون الدولي: يؤكد الحزب على أهمية العلاقات الخارجية المتوازنة، ويطمح إلى تعزيز مكانة الصومال في المحافل الدولية من خلال شراكات استراتيجية تعود بالنفع على البلاد.
الانتخابات المقبلة: فرصة تاريخية للديمقراطية
يترقب الصوماليون الانتخابات العامة المقررة في منتصف عام 2026، والتي ستكون الأولى من نوعها بنظام “شخص واحد، صوت واحد” منذ أكثر من نصف قرن. وتُعد هذه الانتخابات علامة فارقة في مسار التحول الديمقراطي في البلاد، وفرصة لاستعادة ثقة الشعب في العملية السياسية.
يحمل إعلان “سمدون” عن برنامجه السياسي في هذا التوقيت دلالة قوية على التنافس المرتقب في الساحة السياسية الصومالية. فالتركيز على الأمن، والعدالة، والاقتصاد يعكس وعيًا عميقًا بقضايا المواطن، ورغبة جادة في إحداث تحول جذري في إدارة الدولة.
كما أن التوجه نحو انتخابات حرة ومباشرة يُظهر نضجًا سياسيًا متزايدًا، ويساهم في تعزيز ثقة المجتمع الدولي والشركاء في قدرة الصومال على إدارة شؤونه بوسائل ديمقراطية. ويبدو أن حزب “سمدون” يراهن على هذا التحول ليقدم نفسه كقوة سياسية بديلة تمتلك الرؤية والخبرة والقاعدة الشعبية.
يمثل برنامج “الشفافية والتنمية” لحزب “سمدون” خارطة طريق طموحة نحو بناء دولة صومالية قوية، ومستقرة، وشاملة، وهو طرح سياسي يضع المواطن في قلب المعادلة ويعيد الاعتبار للمؤسسات. ومع اقتراب موعد الانتخابات، تتجه الأنظار إلى ما إذا كان الحزب سينجح في تحويل هذه الرؤية إلى واقع ملموس على الأرض.