مقديشو برس/ الجزيرة
فقد عصفت بالمنطقة -بحسب تقرير المجلة- حروب كتلك التي دارت رحاها بين إثيوبيا وإريتريا، وحرب أهلية في إثيوبيا، وتمرد “جهادي” طال أمده وانهيار للدولة في الصومال، فيما تتنافس قوى خارجية على كسب ولاءات وموارد القرن الأفريقي.
ووصفت المجلة، في تحليلها، الأوضاع في تلك المنطقة الواقعة في الجزء الشمالي الشرقي من القارة الأفريقية، بأنها أصبحت أشد مدعاة للقلق مما هو معتاد.
فقد أدت المواجهة المحمومة الناجمة عن محاولات أديس أبابا استغلال ميناء بربرة في إقليم أرض الصومال الانفصالي، إلى تأليب إثيوبيا ضد دولتي الصومال وإريتريا، وجذبت إليها قوى إقليمية، بما في ذلك مصر وتركيا والإمارات العربية المتحدة.
حركة الشباب
وفي ظل الافتقار إلى أي بادرة لحل مبكر للأزمة، فإن النزاع القائم ينذر – بمزيد من الصراع في القرن الأفريقي من خلال تأجيج الخصومات الإقليمية داخل الصومال وتقوية حركة الشباب المجاهدين، التي تقول إيكونوميست إنها ترهب معظم أنحاء البلاد وجيرانها.
وقد بدأ النزاع على الميناء في يناير/كانون الثاني الماضي، عندما وقّعت إثيوبيا على مذكرة تفاهم مع أرض الصومال، وهي جمهورية انفصالية معلنة من جانب واحد وغير معترف بها دوليا.
وبموجب الاتفاق، تستأجر إثيوبيا -التي فقدت منفذها المباشر إلى البحر الأحمر في عام 1993 عندما انفصلت إريتريا- جزءا من الشريط الساحلي من أرض الصومال يسمح لها ببناء قاعدة بحرية. وفي المقابل، ستكون إثيوبيا أول دولة تعترف بأرض الصومال منذ إعلانها الاستقلال عن الوطن الأم قبل أكثر من 3 عقود.
وكان شيخ محمود قد صرح في 30 سبتمبر/أيلول الماضي لإيكونوميست بأن “الجميع اليوم قلقون من سلوك القيادة الإثيوبية الذي لا يمكن التنبؤ به”.
وأشارت المجلة في تقريرها إلى أن معظم دول المنطقة مالت، في بداية الأمر، إلى الموقف الصومالي، ففي أعقاب مذكرة التفاهم تلك، أصدر كل من الاتحاد الأفريقي والهيئة الحكومية الدولية المعنية بالتنمية (إيغاد)، وهي الكتلة الإقليمية لشرق أفريقيا، بيانات تدعم “وحدة أراضي الصومال”. وكذلك فعلت أميركا والاتحاد الأوروبي.
وبدا الارتباك واضحا لدى مسؤولين إثيوبيين بشأن التزامهم بالاعتراف بأرض الصومال، مشيرين إلى أن آبي وافق على النظر في الأمر فقط بعد الاتفاق على شروط القاعدة البحرية.
مناورات تصعيدية
ووفقا للمجلة، فإن هذا “الانتصار السياسي” للصومال ربما مهّد السبيل لتجنب المواجهة. ومع ذلك فقد انتاب المراقبون القلق في الآونة الأخيرة من “مناورات” شيخ محمود التصعيدية.
وأشارت المجلة أيضا إلى زيارة شيخ محمود إلى مصر في أغسطس/آب لتوقيع اتفاقية تعاون عسكري مع نظيره عبد الفتاح السيسي، الذي تعهد بإرسال أسلحة للصومال وربما عدة آلاف من الجنود في بعثة جديدة لحفظ السلام تابعة للاتحاد الأفريقي من المقرر أن تبدأ العام المقبل. ومنذ ذلك الحين وصلت شحنتا أسلحة مصرية إلى مقديشو.
ويرى العديد من الدبلوماسيين والمحللين الأجانب أن الاتفاق الأمني يمثل تصعيدا خطيرا، نظرا للعلاقات العدائية بين إثيوبيا ومصر، فقد دخل البلدان في نزاع مرير منذ أن بدأت إثيوبيا في بناء سد النهضة.
كما تشعر إثيوبيا بالقلق من علاقة الصومال المتزايدة مع إريتريا. وكان أحد دوافع آبي أحمد من الاتفاق مع أرض الصومال هو انهيار تفاهم سابق مع إريتريا يتيح لبلاده الحصول على منفذ إلى البحر الأحمر عبر موانئ جارتها الشمالية.
وطبقا لتحليل إيكونوميست، فإن اتفاق إثيوبيا مع أرض الصومال، أوجد أرضية مشتركة بين الرئيس الصومالي شيخ محمود والرئيس الإريتري أسياس أفورقي. وفي الوقت ذاته، تناقش إريتريا ومصر إمكانية إبرام اتفاق للتعاون العسكري وتبادل المعلومات الاستخباراتية.
وتفيد المجلة البريطانية بأن إثيوبيا ستصبح أكثر عزلة إذا تمخضت مثل هذه المحادثات عن تحالف ثلاثي رسمي (مصري-إريتري-صومالي). كما أنه سيرسخ تقسيم القرن الأفريقي إلى كتلتين جيوسياسيتين.
وعلى الجانب الآخر توجد إثيوبيا وأرض الصومال (بالإضافة إلى بعض الدويلات المحلية في الصومال) وقوات الدعم السريع.
ولعله من المنطقي في ظل هذه التطورات -من وجهة نظر إيكونوميست- أن تهرع إثيوبيا لنجدة قادة الأقاليم الصومالية المناوئين لشيخ محمود، هذا إذا لم تكن قد فعلت ذلك سلفا.
وزعمت المجلة أن العديد من دويلات الصومال، ولا سيما الجنوب الغربي القريب من العاصمة، على خلاف مع الرئيس بشأن اتفاقه مع مصر. وقد يسعد البعض بتعزيز العلاقات مع إثيوبيا “تحوطا” من حكومته التي يرونها “متعجرفة”.
وتعتقد المجلة أن مثل هذا الصراع قد يزيد من تقويض سيطرة الصومال على أراضيه، “التي بالكاد تكون متينة” في أفضل الأحوال.