مقديشو برس/ بقلم الصحفي أحمد محمد أحمد
تعد العلاقات بين جمهورية الصومال الفيدرالية والجمهورية الجزائرية الديمقراطية الشعبية واحدة من أقدم وأقوى العلاقات بين الدول الإفريقية. كانت الجزائر من أبرز الدول التي وقفت إلى جانب الصومال في مختلف المحطات السياسية والإقليمية، وهو ما تجسد بوضوح في سلسلة اللقاءات التي جرت مؤخراً بين مسؤولي البلدين.
تعزيز التعاون السياسي والإقليمي:
شهدت الأشهر الأخيرة تقاربًا أكبر بين الصومال والجزائر، تجلى في عدة زيارات رفيعة المستوى. في 25 توفمبر 2024، استقبل فخامة رئيس الجمهورية الصومالية، حسن شيخ محمود، سعادة السفيرة سلمى مليكة حدادي، سفيرة الجزائر لدى إثيوبيا والممثل الدائم للاتحاد الإفريقي. اللقاء كان فرصة لتأكيد العلاقات التاريخية بين البلدين، والبحث في سبل تعزيز التعاون الثنائي في مختلف المجالات. من أبرز الموضوعات التي تم النقاش حولها كان عضوية الصومال المرتقبة في مجلس الأمن الدولي، حيث ستبدأ الصومال فترة عضويتها غير الدائمة في يناير 2025، فيما تشغل الجزائر هذه العضوية للفترة 2024-2025.
وأشار الرئيس الصومالي خلال اللقاء إلى أهمية التنسيق بين البلدين في مجال السياسة الدولية، لا سيما في القضايا المتعلقة بالأمن الإقليمي وحفظ السلام، مع التأكيد على الدور الهام الذي يلعبه كل من البلدين في تعزيز مصالح القارة الإفريقية على الساحة العالمية.
ومن جانبه، تلقى الرئيس الجزائري، عبد المجيد تبون، رسالة خطية من نظيره الصومالي، الدكتور حسن شيخ محمود، في 21 نوفمبر 2024. هذه الرسالة تطرقت إلى سبل تعزيز وتطوير العلاقات بين البلدين في مختلف المجالات، بما يعكس التزام الطرفين بتوسيع آفاق التعاون الاستراتيجي بينهما.
الرسالة التي تم تسليمها خلال استقبال تبون للمستشار والمبعوث الخاص للرئيس الصومالي، طاهر محمود غيلي، جاءت لتؤكد عمق العلاقات التاريخية بين الجزائر والصومال. وقد تم خلالها مناقشة العديد من القضايا الإقليمية والدولية ذات الاهتمام المشترك، بما في ذلك تعزيز التنسيق في إطار المنظمات الدولية والإقليمية
التعاون في مجالات التعليم والبحث العلمي:
علاوة على التعاون السياسي، فإن علاقات الصومال والجزائر تمتد إلى مجالات أخرى مثل التعليم العالي والبحث العلمي. وفي 20 ديسمبر الجاري ، استقبل الرئيس الصومالي وزير التعليم العالي والبحث العلمي الجزائري، كمال بداري، حيث نقل الأخير رسالة من الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون تتعلق بتعزيز التعاون بين البلدين في المجالات الأكاديمية. الرئيس الصومالي أعرب عن أهمية هذا التعاون في تطوير قطاع التعليم في الصومال، مؤكداً على الاستفادة الكبيرة التي يمكن أن تحققها الصومال من الخبرات الجزائرية في هذا المجال
تعميق التعاون في مجلس الأمن الدولي:
تعتبر عضوية الصومال المرتقبة في مجلس الأمن الدولي بداية مرحلة جديدة في العلاقات بين البلدين. حيث أن الجزائر ستشغل المقعد غير الدائم في المجلس حتى نهاية عام 2025، مما يتيح لها وللصومال فرصة أكبر لتعزيز التنسيق بينهما في القضايا الدولية والإقليمية. وفي هذا السياق، شهدت العاصمة المصرية القاهرة في 19 نوفمبر 2024، اجتماعاً بين السفير الصومالي لدى مصر، علي عبدي أواري، وسفير الجزائر لدى مصر، محمد سفيان براح، لمناقشة سبل تعزيز التعاون بين البلدين ودعم التواجد العربي والإفريقي في مجلس الأمن.
أكد السفير الصومالي أن اللقاء تناول كذلك أهمية تعزيز التعاون بين الدول العربية في المنظمات الدولية، خاصة في ملف الأمن الدولي، وسبل دعم التواجد العربي والإفريقي في القضايا الشائكة التي تواجه العالم.
التعاون الاقتصادي والثقافي:
على صعيد آخر، سعت الاجتماعات بين مسؤولي البلدين إلى تطوير التعاون الاقتصادي والثقافي. في أغسطس 2024، التقى وزير الخارجية الصومالي أحمد معلم فقي نظيره الجزائري أحمد عطاف في جدة، حيث تم مناقشة سبل تعزيز التعاون في مجالات الاقتصاد والتنمية. الوزيران أكدا على أهمية توسيع أفق التعاون الثنائي، خصوصاً في مجالات الطاقة والتجارة، وهو ما يعكس رغبة البلدين في تعزيز شراكتهما الاستراتيجية.
مع دخول الصومال إلى مجلس الأمن الدولي، وتأثير العلاقات الثنائية المتزايد، من المتوقع أن تشهد العلاقات بين الصومال والجزائر مزيدًا من التقدم في السنوات القادمة. يبدو أن البلدين قد وضعا أسسًا قوية لمستقبل مشترك، قائم على التعاون السياسي، الاقتصادي، والثقافي، بما يخدم مصالح الشعبين الصومالي والجزائري.
تسليم الرسائل بين البلدين يمثل خطوة مهمة نحو تعزيز التعاون في مختلف القطاعات، سواء على المستوى السياسي أو الاقتصادي أو الثقافي. العلاقات بين الجزائر والصومال ليست جديدة، بل هي علاقات تمتد عبر التاريخ، وقد شهدت الفترة الأخيرة زخماً في التحركات الدبلوماسية بين الجانبين.
كما أن استجابة الصومال السريعة لتطورات الوضع الإقليمي والدولي، وتعاونها مع الجزائر في الملفات الأمنية والتنموية، يفتح آفاقاً جديدة لمزيد من التعاون بين البلدين في المستقبل القريب. من جانبها، ستواصل الجزائر دعمها لصومال في مساعيها لتعزيز استقرارها السياسي والاقتصادي، وهي رسالة تسهم في بناء تحالفات جديدة تدعم القارة الأفريقية.