مقديشو برس/ الجمهورية
عصام الشيخ
علي مدار الأسابيع الماضية شهدت منطقة القرن الأفريقي شد وجذب بين القاهرة وأديس أبابا بسبب القرار المصري بمشاركة القاهرة عسكرياً في بعثة الاتحاد الأفريقي الثالثة لدعم السلام في الصومال والمقرر بداية ولايتها مطلع العام المقبل، بعد انتهاء مهمة عمل البعثة العسكرية الراهنة والتي تشارك ضمن صفوفها إثيوبيا”. ضمن قوات حفظ السلام التابعة للاتحاد.
هذا التحرك المصري داخل الصومال “على رغم توافقه مع قواعد القانون الدولي والعلاقات الطيبة بين الدول القائمة على احترام السيادة المتبادلة والحفاظ على وحدة وسلامة والأوطان، وتلك التي تهدف إلى زعزعة الاستقرار وتهديد سيادة ومصالح دول الجوار”، إلا أنه تسبب في حدوث حاله من القلق والتوتر لدي حكومه أديس أبابا رغم ان مصر قد أعلنت موقفها منذ ان الإعلان عن الاتفاق الذي وقعته الحكومة الإثيوبية أوائل العام الحالي مع إقليم “أرض الصومال” الانفصالي، وواجه رفضاً وتنديداً صومالياً ومصرياً وعلى مستوى الإقليم،علاوه علي انه يأتي ضمن اطر العلاقات الثنائية ومتعددة الأطراف التي تربط القاهرة ومقديشو منذ أعوام”.
وهنا لابد من التأكيد لجميع الأطراف إن مصر والصومال دولتان لهما سيادة مستقلة ومن حقهما التعاون في شتى المجالات وهذا لا شأن لأحد به،علاوة علي حق مصر في استعادة دورها التاريخي والقديم في منطقة القرن الأفريقي، وهو ما اعتبره كثير من الخبراء انه أفضل رد فعلي على “تصرفات إثيوبيا التي لا تحمل إلا الاعتداءات والعداوات لدول المنطقة”،وأعتقد ان هذه “الخطوة تهدف بالأساس للحفاظ على الأمن القومي المصري من الأخطار المتعددة التي تحدق به في منطقة القرن الأفريقي”،
ودون الدخول في التفاصيل فإنه من الملاحظ ايضا ان مصر بعد توقيعها اتفاقا عسكريا مع الصومال، وقعت مصر ونيجيريا، موخراً مذكرة تفاهم لتعميق التعاون في مجال الصناعات الدفاعية،علاوه علي توقيع وثيقة تعاون عسكري بين مصر والسودان ،وكذلك كينيا ، وهو ما فسره البعض بأنه يأتي ضمن تحركات مصرية لاستعادة دورها في القارة السمراء،ومن الأشياء المهمة الأخرى التي تقوم بها القاهرة في إطار محيطها الإقليمي والأفريقي ….
ولكي ندرك حجم تحركات القيادة السياسية لحماية الأمن القومي المصري علينا ان نتذكر نتائج المباحثات بين الرئيسين المصري والتركي حول منطقة القرن الأفريقي ،حيث بحثاً الزعمين ملف الأزمه الصومالية باعتبار ان تركيا تستضيف خلال الشهر الحالي جوله ثالثه من الحوار بين الصومال وإثيوبيا بعد فشل جولتين في السابق في اختراق لحل أزمة الاتفاق الإثيوبي المرفوض اقليميا ودولياً مع منطقة صوماليلاند (أرض الصومال) الانفصالية، ينص على تأجير إثيوبيا لمدة 50 عاما 20 كيلومترا من ساحل صوماليلاند، الواقع على خليج عدن، مقابل اعتراف إثيوبي محتمل باستقلالها عن الصومال، وهو أمر لم تفعله أي دولة منذ أن أعلنت هذه المنطقة الصغيرة استقلالها من جانب واحد في 1991.
وكلنا نتذكر تصريحات الرئيس عبدالفتاح السيسي خلال منتصف يناير الماضي لدى استقباله نظيره الصومالي حسن شيخ محمود بالقاهرة، الحاسمه بإن “بلاده لن تسمح بتهديد الصومال وأمنها”، مشيراً إلى موقف مصر الرافض للاتفاق المبرم بين إثيوبيا وإقليم أرض الصومال.
وقال السيسي كذلك “رسالتي هنا للإثيوبيين، التعاون مع الصومال ،وجيبوتي متاح بالوسائل التقليدية، لا أحد يرفض التعاون، محاولة القفز على أي أرض من الأراضي للاستيلاء عليها لن يوافق عليه أحد”، مضيفاً “الصومال دولة عربية، لها حق الدفاع المشترك وفق ميثاق الجامعة العربية، لا نهدد أحداً ولن نسمح لأحد أن يهدد الصومال”.
وشدد “محدش (لا أحد) يجرب مصر ويهدد أشقاءها، وبخاصة لو طلبوا إننا نبقى موجودين معاهم”، ثم خاطب نظيره الصومالي بالقول “اطمئن، بفضل الله نحن معكم ونقول للدنيا كلها نتعاون ونتحاور بعيداً من أي تهديد .
بالمناسبة قوات حفظ السلام في الصومال تضم مع مصر جيبوتي تبدّا مع بداية العام القادم حيث يري مراقبون أن هذه القوات من شأنها أن تسهم في نزع فتيل الأزمة بين الاتحاد ومقديشو بعد ان رفض الاتحاد وجود قوات تركية لحفظ السلام بالصومال بجانب مساهمتها في تعزيز قدرات القوات الصومالية وفاعليتها في معالجة التحديات الأمنية المعقدة في البلاد، علاوة على معالجة قضايا الأمن الإقليمي، بخاصة أن الصومال يواجه تهديدات أمنية من جماعات متطرفة على رأسها حركة الشباب.