مقديشو برس/ بقلم سالم سعيد سالم: أستاذ في القانون العام وباحث مستقل
من الضروري أن تعي الصومال أن محاولة الجمع بين مصر وإثيوبيا في إطار مشترك، مثل قوات حفظ السلام أو أي مبادرات إقليمية أخرى، قد تتسبب في تأجيج توترات إقليمية كبيرة. فإثيوبيا، التي تنظر إلى مصر كخصم تاريخي لها، قد تعتبر إشراك مصر في ملف قوات حفظ السلام تحديًا لنفوذها الإقليمي، وربما بمثابة تهديد مباشر لمصالحها. خاصة أن مصر، رغم محاولاتها، لم تنجح حتى الآن في ممارسة ضغط كافٍ على إثيوبيا فيما يتعلق بقضية سد النهضة.
إضافة إلى ذلك، يجب أن تضع الصومال في اعتبارها موقف تركيا، التي تُعد حليفًا استراتيجيًا مهمًا، ولديها علاقات متينة مع إثيوبيا. خاصة أن أنقرة قد أعلنت مؤخرًا نيتها تعزيز العلاقات الثنائية مع إثيوبيا ومواصلة دورها كوسيط. أي تقارب صومالي مع مصر قد يثير قلق تركيا، نظرًا للتوترات الإقليمية القائمة بينها وبين القاهرة في ملفات حساسة مثل سوريا وليبيا. ومن هنا، يتعين على الصومال أن تدرك أن أي خطوة غير مدروسة قد تؤثر سلبًا على الدعم التركي، وهو عنصر أساسي في جهود إعادة بناء مؤسسات الدولة الصومالية.
في ظل الوضع الراهن للصومال، الذي يتسم بهشاشة الدولة والانقسامات الداخلية، يصبح من الضروري تبني سياسة خارجية متوازنة وواقعية. تحتاج الصومال إلى استراتيجية دبلوماسية متماسكة تهدف إلى تحقيق توازن بين القوى الإقليمية، مع التركيز على بناء شراكات تحترم مصالح جميع الأطراف دون المساس بالمصالح الوطنية. وكما يقول هنري كيسنجر: “الدبلوماسية هي فن تحقيق التوازن بين المصالح المتعارضة بطريقة تضمن السلام”. بناءً على هذا المبدأ، على الصومال أن تعمل بحذر على تحقيق توازن دقيق في علاقاتها مع كل من مصر وإثيوبيا، لتجنب أي خطوات قد تؤدي إلى تعقيد الوضع الإقليمي أو إثارة حساسيات لا داعي لها.
علاوة على ذلك، يجب أن تكون أي خطوات للتقارب أو المواجهة مع أي طرف إقليمي جزءًا من رؤية استراتيجية بعيدة المدى تهدف إلى تعزيز استقرار الصومال بدلاً من الزج بها في صراعات إقليمية.
الالتزام بمبدأ “الواقعية السياسية” في صياغة السياسة الخارجية يمثل حلاً فعالًا لضمان مصالح الصومال. هذا المبدأ، الذي يقوم على التعامل مع الحقائق الجيوسياسية بدلاً من الأمنيات أو التصورات غير الواقعية، يمكن أن يساعد القيادة الصومالية في بناء توازن استراتيجي يحمي مصالح البلاد، ويعزز استقرارها الإقليمي، ويجنبها الوقوع في صراعات إقليمية قد تهدد مكتسباتها الوطنية