أطلق الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود اليوم أعمال “ملتقى التشاور الوطني” في العاصمة مقديشو، بحضور مسؤولين حكوميين وممثلين عن بعض الولايات الفيدرالية، بينما غابت عنه ولايتا بونتلاند وجوبالاند وقوى معارضة رئيسية، في خطوة تكرس حالة الانقسام السياسي الحاد في البلاد.
ويهدف الملتقى، بحسب الرئاسة الصومالية، إلى التباحث حول ملفات مصيرية، في مقدّمتها استكمال الدستور، وإرساء نظام انتخابي يقوم على مبدأ “صوت واحد لكل مواطن”، إضافة إلى مستقبل الحرب ضد الجماعات المسلحة وتعزيز وحدة الدولة ومؤسساتها.
وفي كلمته خلال افتتاح الملتقى، قال الرئيس حسن شيخ محمود إن “باب التشاور والحوار مفتوح أمام الجميع”، مؤكداً أن الحكومة الفيدرالية تعطي أولوية قصوى للاستماع إلى كافة الآراء حول مستقبل الصومال.
وأضاف: “هذه المنصة تعبّر عن حرصنا على بناء دولة تحتضن جميع أبنائها، فالحوار هو السبيل الوحيد لبناء مؤسسات مستقرة، بعد فشل محاولات فرض الدولة بالقوة التي لم تنتج سوى الانقسام والخسائر.”
كما وجّه الرئيس دعوة صريحة إلى إدارة بونتلاند التي قاطعت الاجتماع، مؤكداً: “مددنا أيدينا إليهم للحضور والمشاركة، وسنظل منفتحين على الحوار، لأننا نؤمن بأن مشروع الدولة لا يكتمل إلا بشراكة الجميع.”
وفي لهجة حادة، حذّر الرئيس الصومالي من “أي محاولات إقليمية أو دولية لتقسيم الصومال”، قائلاً: “سيادة أراضينا ووحدتنا خط أحمر، ولن نسمح بأي انتهاك لها تحت أي مبرر كان. كل من يسعى لتفكيك هذا البلد سيواجه عزلة دبلوماسية وضياعاً للوقت والجهد.”
وعلى الرغم من الرسائل التصالحية، قاطعت ولايتا بونتلاند وجوبالاند الملتقى، كما غاب عنه عدد من أبرز قيادات المعارضة، احتجاجاً على ما وصفوه بـ”الانفراد بصياغة جدول أعمال الملتقى، وإجراء تعديلات دستورية دون توافق”.
وتطالب هذه الأطراف بمراجعة مسار الإصلاحات السياسية، ووقف الإجراءات الأحادية، لا سيما تلك المتعلقة بتشكيل اللجنة الوطنية للانتخابات، التي يعتبرونها موالية للحكومة الحالية.
وفي الوقت الذي شدد فيه الرئيس الصومالي على أن “الدعم الدولي للصومال مهم لكنه لا يغني عن مسؤولياتنا المحلية”، أشارت مصادر مطلعة إلى وجود دعم سياسي وتقني من بعثات الأمم المتحدة والاتحاد الإفريقي وشركاء دوليين لإنجاح الحوار الوطني.
ويأتي انعقاد الملتقى في وقت تواجه فيه البلاد تحديات أمنية واقتصادية كبيرة، وسط تزايد الضغوط الدولية على النخبة السياسية الصومالية لإيجاد توافق وطني شامل يمهّد الطريق لانتخابات عامة نزيهة وسلمية.