مقديشو برس
أقرّ المجلس الاستشاري الوطني في ختام اجتماعه المنعقد في العاصمة مقديشو يومي السادس والسابع من مايو الجاري، حزمة من الخطوات السياسية والإدارية تهدف إلى تعزيز النظام الفيدرالي، وتمكين المؤسسات الدستورية، وتهيئة المناخ المناسب للاستحقاقات الانتخابية المقبلة، في إطار رؤية وطنية موحدة لبناء الدولة وتعزيز الاستقرار السياسي في الصومال.
وشارك في الاجتماع رئيس الجمهورية حسن شيخ محمود، ورئيس الوزراء حمزة عبدي بري، ونائبه الأول صالح أحمد جامع، ورؤساء الولايات الفيدرالية ( هيرشبيلي، غلمدغ، جنوب الغرب، وخاتمو، إلى جانب محافظ إقليم بنادر. في المقابل، غابت ولايتا بونتلاند وجوبالاند عن الاجتماع، بسبب خلافات سياسية متواصلة مع الحكومة الفيدرالية حول تعديلات الدستور وقوانين الانتخابات، ما يعكس استمرار التحديات التي تواجه مشروع التوافق الوطني الشامل.
قرارات محورية
وأكد البيان الختامي أهمية ترسيخ مبدأ التنسيق والتكامل بين الحكومة الفيدرالية والولايات الأعضاء، انسجامًا مع دعوة رئيس الجمهورية في خطابه بعيد الفطر بتاريخ 29 مارس الماضي، والتي دعا فيها إلى توحيد الصف الوطني في مواجهة التحديات، خاصة في ملفي الأمن وبناء مؤسسات الدولة.
وشدد المجتمعون على ضرورة الإسراع في تنفيذ المسار الدستوري، واستكمال صوغ الدستور الدائم للبلاد، بوصفه الإطار المرجعي الأساسي لتوزيع الصلاحيات والموارد، وتنظيم العلاقات بين مستويات الحكم المختلفة.
نحو انتخابات شاملة
وفي ملف الانتخابات، توافق المجلس على ضرورة تعاون الولايات الفيدرالية مع لجنة الانتخابات لتسريع عمليات تسجيل الناخبين، تمهيدًا لإجراء انتخابات شاملة وشفافة، تستند إلى أسس دستورية وقانونية واضحة، وتعكس إرادة الشعب الصومالي، وتكرّس مبدأ التداول السلمي للسلطة.
ورحب المجلس بانخراط عدد كبير من الأحزاب السياسية في العملية الديمقراطية، وهنّأ الأحزاب التي تم تسجيلها رسميًا، داعيًا الفاعلين السياسيين إلى التعبير عن آرائهم ومطالبهم ضمن أطر حزبية تؤمن بالتعددية السياسية.
الملف الأمني والمصالحة الوطنية
وفي الشأن الأمني، شدّد المجتمعون على ضرورة تضافر الجهود في مواجهة التحديات الأمنية، وعلى رأسها محاربة الإرهاب، وتقديم الدعم اللازم للقوات المسلحة الوطنية الصومالية، لضمان دحر الجماعات المتطرفة واستعادة الأمن والاستقرار.
واتفق المجلس على تعزيز التنسيق بين الحكومة الفيدرالية والولايات في الملفات الأمنية والسياسية، كما تقرر أن تتولى وزارة الداخلية والمصالحة تقديم مقترحات لمعالجة الوضع في ولاية جوبالاند، بما يتماشى مع الدستور والقوانين النافذة، لتشكيل إدارة شرعية ومنضبطة قانونيًا.
إدارة “SSC-خاتمو” والانضمام إلى الفيدرالية
وأعلن المجلس بالإجماع اعتبار إدارة “SSC-خاتمو” جزءاً من الدولة الفيدرالية، وعضوًا في مجلس الولايات، مع الاتفاق على استكمال الحوار معها وفقًا لأحكام الدستور. كما أوصى المجلس بتنظيم مؤتمر وطني لمكونات “SSC-خاتمو”، تحت إشراف وزارة لداخلية والمصالحة، بهدف استكمال عملية المصالحة، وتشكيل إدارة موحدة تمثل سكان الإقليم وتعبر عن إرادتهم.
الاستجابة للتحديات البيئية والتنموية
وفي الجانب الإنساني والاقتصادي، دعا المجلس إلى تنسيق الجهود لمواجهة الكوارث البيئية والإنسانية، بما في ذلك آثار التغير المناخي وتبعات الحرب على الإرهاب، مؤكدًا أهمية العمل الجماعي في مجابهة هذه التحديات.
وثمّن المجلس جهود الحكومة في تنفيذ خطة الإصلاح الوطنية، داعيًا المستثمرين المحليين والدوليين إلى دعم أولويات التنمية، وتحويل الاقتصاد الوطني نحو الإنتاج، وخلق فرص عمل، وتمكين القطاع الخاص ليكون شريكًا فاعلًا في نهضة البلاد.
ويُعد هذا الاجتماع محطة جديدة ضمن سلسلة من المشاورات الوطنية الرامية إلى ترسيخ مبادئ الفيدرالية، وبناء مؤسسات حكم رشيد، تُعبّر عن تطلعات الشعب الصومالي نحو مستقبل أكثر استقرارًا سياسيًا واقتصاديًا، رغم استمرار التباينات بين الحكومة وبعض الولايات، وهو ما يعكس الحاجة إلى مزيد من الحوار الوطني الشامل لتجاوز العقبات وتحقيق المصالحة المنشودة.