مقديشو برس
بدأ اليوم الثلاثاء المواطنون في العاصمة الصومالية مقديشو عملية تسجيل الناخبين، استعدادًا لأول انتخابات محلية بنظام “الصوت الواحد لكل ناخب” منذ أكثر من خمسة عقود، في خطوة وصفت بأنها مفصلية على طريق إرساء الديمقراطية واستعادة حق المواطنين في اختيار ممثليهم بحرية.
وفي تعليق له على هذه الخطوة، قال وزير الإعلام الصومالي، داود أويس، إن انطلاق عملية تسجيل الناخبين يمثل “لحظة فاصلة في تاريخ الصومال ومسار بناء دولته الديمقراطية الحديثة بعد أكثر من خمسة عقود من الانقطاع”، مؤكدًا أن هذه المبادرة، التي أطلقتها اللجنة الوطنية المستقلة للانتخابات والحدود، تعكس التزام الصومال بإرساء نموذج حكم ديمقراطي شامل يعيد للمواطنين حقهم الأصيل في اختيار قادتهم.
وأضاف الوزير أن هذه العملية تمثل “ليس مجرد إجراء انتخابي، بل تحولاً حقيقياً في المشهد السياسي الصومالي، وخطوة جماعية تهدف إلى استعادة حقوق المواطنين وتمكينهم من المشاركة في صياغة مستقبل وطنهم بحرية ومسؤولية”، مشددًا على أن آخر مرة مارس فيها الصوماليون حق التصويت كانت في عام 1969، قبل أن تنزلق البلاد في دوامة اضطرابات سياسية وصراعات دامية استمرت لعقود.
وأكد أويس أن الاستعدادات الجارية لانتخابات “الصوت الواحد لكل ناخب” بعد غياب 56 عامًا، تعكس إرادة وطنية صلبة لبناء مستقبل سياسي أكثر استقرارًا وانفتاحًا، لافتًا إلى أن الالتزام بهذا المسار الديمقراطي يعد محطة فارقة في رحلة الصومال نحو بناء الدولة وإعادة ثقة المواطنين بمؤسساتها.
وكانت مديرية شانغاني التاريخية قد شهدت انطلاق التسجيل، حيث بادر محافظ إقليم بنادر وعمدة مقديشو، محمد أحمد أمير، ليكون أول المسؤولين الذين سجلوا أسماءهم ضمن قوائم الناخبين، داعياً السكان للمشاركة الواسعة في هذه العملية الوطنية.
وقال العمدة خلال تصريحات صحفية: “بعد 56 عامًا، أصبحت أول مواطن يتسلم شهادة التسجيل، ويتبقى لي فقط استلام بطاقة الناخب، وأدعو جميع المواطنين أن يسارعوا بالتسجيل؛ لأن من لا يسجل، لا يمتلك حق التصويت ولن يكون له صوت في تحديد مستقبل بلاده”.
وبحسب اللجنة الوطنية المستقلة للانتخابات، فإن عملية تسجيل الناخبين ستتواصل في جميع مديريات العاصمة خلال الأيام المقبلة، على أن تشمل لاحقًا مناطق أخرى من البلاد، في مقدمتها ولايات هيرشبيلي، وغلمدغ، وجنوب الغرب وخاتمو، بينما لا تزال ولايات جوبالاند وبونتلاند خارج هذا المسار، في ظل خلافات سياسية حول آليات الانتخابات.
ويرى مراقبون أن هذه العملية تمثل اختبارًا حقيقيًا لقدرة الصومال على تجاوز تحديات الماضي والعبور إلى مرحلة سياسية جديدة، تقوم على الشفافية، والشراكة الوطنية، واحترام إرادة المواطن في اختيار قادته.