مقديشو برس
أعلنت الحكومة الصومالية، الأربعاء، إطلاق حملة صحية وطنية متكاملة، تهدف إلى التصدي لثلاث من أخطر مسببات وفيات الأطفال في البلاد، من خلال إدخال لقاحين جديدين ضمن برنامج التحصين الوطني، إلى جانب تنفيذ حملة موسعة لتطعيم الأطفال ضد الحصبة.
وشهدت العاصمة مقديشو مراسم الإطلاق الرسمي للقاح المكورات الرئوية المتقارن (PCV) ولقاح فيروس الروتا، حيث قام وزير الصحة الفيدرالي، الدكتور علي حاجي آدم، بإعطاء أول جرعة لطفل رضيع، في مشهد رمزي يعكس التزام الدولة بحماية الأجيال القادمة.
ويتزامن إدخال اللقاحين مع حملة وطنية لتعويض الفجوات في تطعيم الحصبة، أحد أكثر الأمراض فتكًا بالأطفال في الصومال، وتستهدف الوصول إلى ملايين الأطفال الذين حُرموا من اللقاحات نتيجة النزاعات أو النزوح أو ضعف الخدمات الصحية.
وقال الدكتور علي حاجي آدم إن هذه الخطوة “تشكل علامة فارقة في تاريخ الصحة العامة في الصومال، وهي ثمرة التزامنا بتحسين فرص بقاء الأطفال على قيد الحياة وبناء مستقبل صحي أكثر عدالة واستدامة”، مشددًا على أن الحكومة تعمل على توسيع شراكاتها مع المنظمات الدولية لضمان وصول اللقاحات إلى كل طفل، دون استثناء.
وتشير التقديرات إلى أن أمراض الحصبة، والالتهاب الرئوي، والإسهال الناتج عن فيروس الروتا، تتسبب مجتمعةً بنحو 43% من وفيات الأطفال في البلاد، ما يجعل من هذه الحملة تحركًا استراتيجيًا لخفض معدلات الوفاة وتعزيز النظام الصحي الهش.
وقد أتى هذا التحرك بعد تأسيس فريق العمل الوطني للتحصين واستئصال شلل الأطفال (SIPE) بقيادة رئيس الوزراء حمزة عبدي بري، بالتوازي مع إطلاق منتدى بقاء الطفل العام الماضي، ما يعكس أولوية الحكومة لملف الطفولة في السياسات الصحية.
بدوره، قال الدكتور محمد علي كامل، الممثل بالإنابة لمنظمة الصحة العالمية في الصومال: “إطلاق هذه اللقاحات يمثل أكثر من تدخل طبي، بل هو إعلان وطني بأن حياة الأطفال في الصومال فوق كل اعتبار”، مضيفًا أن منظمة الصحة العالمية ستواصل دعم الحكومة الصومالية لتوسيع مظلة التغطية الصحية.
من جانبها، اعتبرت وفاء سعيد، ممثلة منظمة اليونيسف، أن “هذه الخطوة ستنقذ آلاف الأرواح، وتمنح الأطفال فرصة للنمو والتعلم والمشاركة في بناء مستقبل وطنهم”، مؤكدة التزام اليونيسف بتعزيز أنظمة التحصين في الصومال.
وقد ساهم تحالف اللقاحات Gavi في هذا الإنجاز عبر تفعيل إطار دعم خاص بالدول الهشة والمتأثرة بالنزاعات، ما أتاح تمويلًا مرنًا ومساعدة فنية مكّنت الصومال من إدخال اللقاحات رغم التحديات الميدانية.
ويرى مراقبون أن نجاح هذه الحملة سيتوقف على مدى القدرة على الوصول إلى المناطق النائية والمتضررة من النزاع، واستمرار الدعم اللوجستي، وتوسيع برامج التوعية المجتمعية لضمان إقبال الأهالي على التطعيم.
في بلد أنهكته الأزمات لعقود، تمثل هذه الخطوة الصحية بارقة أمل لطفولة أكثر أمانًا، ومستقبل أكثر صحة وعدالة لجميع أطفال الصومال.