غزة / مقديشو برس/ الأناضول
بمجرد أن أنهى فلسطينيون أداء صلاة الفجر، السبت، في مصلى مدرسة التابعين بحي الدرج وسط مدينة غزة، باغتتهم ثلاثة صواريخ إسرائيلية أزهقت أرواح 100 منهم على الأقل وخلفت عشرات المصابين.
في المكان الذي غرق بالدماء، تناثرت أشلاء جثامين المواطنين بعد أن تمزقت، فصارت طواقم الإسعاف والدفاع المدني عاجزة عن انتشالها ونقلها إلى المستشفى.
وفور وقوع الاستهداف هرع الناس من الأماكن القريبة لتفقد مكان القصف المعروف بأنه يستخدم مركزاً لإيواء النازحين ويعج بالمواطنين من أصحاب البيوت المدمرة.
حسن الشوبكي، كان من أول الواصلين إلى المكان بعد القصف، يقول للأناضول: “لم أتخيل أن يكون الحدث بهذه الصعوبة، توقعت أن أرى شهداء وأشلاء، لكن ما شاهدته فاق الوصف والخيال، كل من كان بالمدرسة إما قتل أو أصيب”.
وفجر السبت، قال المكتب الإعلامي الحكومي في غزة، إن “جيش الاحتلال الإسرائيلي ارتكب مذبحة داخل مدرسة التابعين بمدينة غزة راح ضحيتها أكثر من 100 شهيد وعشرات الإصابات”.
وأضاف المكتب، في بيان، أن “هذا القصف يأتي في إطار جريمة الإبادة الجماعية والتطهير العرقي ضد شعبنا الفلسطيني بشكل واضح”.
وذكر أن “جيش الاحتلال قصف النازحين بشكل مباشر خلال تأديتهم صلاة الفجر”.
** جثامين ممزقة
تضرب الشابة سارة إسليم الكف بالكف، بينما كانت مع عدد من أفراد عائلتها تبحث بين الجثامين الممزقة عن جثماني والدها وشقيقها اللذين خرجا من منزلهما القريب من المدرسة لأداء صلاة الفجر.
وتصرخ تارةً وأخرى تدعو الله أن يكونا ناجيين من القصف بـ”معجزة ربانية”.
تركض من مكان إلى آخر داخل المدرسة تسأل كل من تقابله إن كان شاهد “رجلاً طويل القامة ذا بشرة قمحية عمره بالأربعينات رفقة شاب عشريني بنفس الطول ولون البشرة” دون إجابة تبرد نارها.
مرّ الوقت وطلعت شمس الصبح ولا تزال الشابة تبحث، سألت أحد المسعفين عن أسماء شهداء تم انتشالهم ونقلهم للمستشفى فكان الجواب: “ما نجمعه أشلاء، والتعرف عليها سريعاً ليس سهلاً”.
رفضت الشابة تأجيل البحث قليلاً للتحدث إلى الصحفيين، واكتفت بالقول على عجلٍ لمراسل الأناضول: “أبي وأخي هما سندنا بهذه الحياة” ودعت الله أن يكونا مصابين أو ناجيين.
** فقد كبير
المسن يوسف الكفارنة قدم بـ”سرعة كبيرة” من مركز النزوح الذي يقيم به في مخيم جباليا للاجئين شمالي قطاع غزة، لتفقد عائلة نجله إيهاب، النازحة بمدرسة التابعين منذ عدة أشهر.
في لحظة وصوله علم الستيني بمقتل ابنه الأكبر في المذبحة التي وقعت بحق المصلين.
حمد الله بعد أن مسح دموعاً تسللت من عينيه، ومضى باحثاً عن عائلة نجله لمواساتها بالمصاب الذي وصفه بـ”الحدث الأسوأ في تاريخ حياته”.
داخل أسوار المدرسة، جلس ثلاثة شبان على الأرض يبكون بدموع القهر إلى جانب جثمان صديقهم محمد الذي غُطي بقطعة قماش.
مسحوا على وجهه الذي تشوه بفعل القصف ويقبلون جبينه متجاهلين دماءه التي علقت على شفاههم.
قال ماهر عياد وهو أحد الشبان لمراسل الأناضول: “منذ أكثر من 10 سنوات لم نفترق نهائياً كنا مع محمد 4 أصدقاء نتشارك كل تفاصيل الحياة لكنه اختار الرحيل وحيداً ما أقسى هذا الرحيل”.
بنبرة الحسرة، أضاف عياد: “لم يحقق محمد حلمه بالزواج والسفر لقضاء شهر عسل في مصر، غادرنا وترك فينا ذكرى أيام طويلة عشناها بفرح رغم ما كنا نمر به من تحديات”.
وباستهداف مدرسة “التابعين” يرتفع عدد المدارس التي تؤوي نازحين وقصفها الجيش الإسرائيلي في مدينة غزة فقط خلال أسبوع واحد فقط إلى 6، ما خلف أعداداً كبيرة من القتلى والجرحى، وفق رصد مراسل الأناضول.
والخميس، قُتل 15 فلسطينيا وأُصيب عشرات، بينهم أطفال، إثر استهداف طائرات حربية إسرائيلية مدرستي “الزهراء” و”عبد الفتاح حمود”، اللتين تؤويان نازحين بحي التفاح شرق مدينة غزة، وفق جهاز الدفاع المدني في القطاع.
وفي 4 أغسطس/ آب الجاري، أعلن جهاز الدفاع المدني الفلسطيني في القطاع، في بيان، مقتل 30 فلسطينيا وإصابة عشرات 80 بالمئة منهم أطفال، في قصف إسرائيلي استهدف مدرستي النصر وحسن سلامة في حي النصر غرب مدينة غزة.
وباليوم السابق في 3 أغسطس، قتل 16 فلسطينيا وأصيب آخرون في قصف إسرائيلي استهدف مدرسة حمامة التي تؤوي نازحين في حي الشيخ رضوان شمالي مدينة، وفق الدفاع المدني بغزة.
وبدعم أمريكي تشن إسرائيل منذ 7 أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، حربا مدمرة على غزة خلفت أكثر من 131 ألف قتيل وجريح فلسطينيين، معظمهم أطفال ونساء، وما يزيد على 10 آلاف مفقود، وسط دمار هائل ومجاعة قاتلة.
وفي استهانة بالمجتمع الدولي، تواصل تل أبيب الحرب متجاهلة قرار مجلس الأمن الدولي بوقفها فورا، وأوامر محكمة العدل الدولية باتخاذ تدابير لمنع أعمال الإبادة الجماعية ولتحسين الوضع الإنساني الكارثي بغزة.