مقديشو برس/ ويندهوك
قدم الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود تعازيه إلى شعب وحكومة ناميبيا في وفاة الرئيس الأسبق سام نجوما، واصفًا إياه بأنه “قائد ملهم للكفاح من أجل الاستقلال“.
وقال الرئيس الصومالي في بيان: “لقد كانت قيادته في النضال من أجل الحرية والاستقلال مصدر إلهام للعديد من الدول الإفريقية، بما في ذلك الصومال. نكرّم إرثه الدائم ونتذكره بكل احترام”.
وأعلنت الرئاسة الناميبية، في بيان، وفاة نجوما مساء السبت عن عمر يناهز 95 عامًا، بعد ثلاثة أسابيع من تلقيه العلاج في أحد مستشفيات العاصمة ويندهوك. وأشارت إلى أن البلاد ستدخل فترة حداد وطني تكريمًا له.
زعيم الاستقلال وأول رئيس لناميبيا
يُعرف نجوما، الذي تولى رئاسة ناميبيا من عام 1990 حتى 2005، بأنه الأب المؤسس للبلاد وأحد أبرز قادة التحرير في إفريقيا. قاد منظمة شعب جنوب غرب إفريقيا (SWAPO) منذ تأسيسها عام 1960، والتي لعبت دورًا محوريًا في النضال من أجل الاستقلال عن جنوب إفريقيا، التي كانت تفرض نظام الفصل العنصري.
بعد استقلال ناميبيا في مارس 1990، تولى نجوما منصب الرئيس، حيث أشرف على عملية المصالحة الوطنية بعد حرب الاستقلال الطويلة، كما أسس مؤسسات ديمقراطية شملت جميع أطياف المجتمع، بما في ذلك رجال الأعمال والسياسيين البيض الذين ظلوا في البلاد بعد انتهاء الحكم الاستعماري.
حتى خصومه السياسيون أشادوا بدوره في صياغة دستور ديمقراطي للبلاد، رغم أنه كان معروفًا بخطاباته النارية المناهضة للغرب، كما أثارت بعض مواقفه الاجتماعية جدلًا واسعًا، من بينها وصفه للمثلية الجنسية بأنها “أيديولوجية أجنبية فاسدة” واعتباره مرض الإيدز “سلاحًا بيولوجيًا من صنع الإنسان”.
مسيرة نضالية طويلة
وُلد سام نجوما عام 1929 في قرية صغيرة شمال غرب ناميبيا لعائلة فقيرة من قبيلة أوفامبو. انتقل في سن 17 عامًا إلى مدينة والفيس باي الساحلية، حيث بدأ وعيه السياسي يتشكل من خلال النقاشات حول معاناة السود تحت حكم الأقلية البيضاء.
بدأ حياته المهنية كمنظف سكك حديدية قرب ويندهوك عام 1949، بينما كان يدرس ليلاً. تعرّف خلال تلك الفترة على الزعيم القبلي هوسيا كوتاكو، الذي كان أحد أبرز المناهضين لحكم الفصل العنصري، ولعب دورًا محوريًا في توجيهه سياسيًا.
في عام 1960، غادر نجوما إلى المنفى، بداية من بوتسوانا، تاركًا وراءه زوجته وأطفاله الأربعة. تم انتخابه في العام نفسه رئيسًا لـ SWAPO، ليبدأ جولة دبلوماسية دولية لكسب الدعم لكفاح شعبه، بالتوازي مع إطلاق كفاح مسلح ضد جنوب إفريقيا عام 1966.
استمر نضاله لما يزيد عن عقدين، حتى تبنت الأمم المتحدة قرارًا في 1978 يدعو إلى وقف إطلاق النار وإجراء انتخابات، لكن تنفيذ القرار تأخر حتى 1989. في تلك الانتخابات، فازت SWAPO بالأغلبية، ليصبح نجوما أول رئيس لناميبيا المستقلة عام 1990.
التقاعد والحياة بعد السياسة
بعد تقاعده من الرئاسة في 2005، انسحب نجوما من الحياة السياسية عام 2007. ورغم ذلك، ظل شخصية بارزة في الشأن العام، حيث التحق ببرنامج دراسات عليا في الجيولوجيا، مؤمنًا بأن ناميبيا تمتلك ثروات معدنية غير مستغلة.
وفي تأبينه، قالت الرئاسة الناميبية: “لقد قدم نجوما قيادة استثنائية لشعبنا، ولم يدخر جهدًا في بناء ناميبيا كدولة فخورة ومزدهرة بين الأمم”.
وتعد وفاة نجوما نهاية حقبة لجيل من القادة الأفارقة الذين حاربوا الاستعمار وحكم الأقلية البيضاء، إلى جانب شخصيات مثل نيلسون مانديلا في جنوب إفريقيا، وروبرت موغابي في زيمبابوي، وكينيث كاوندا في زامبيا، وسامورا ماشيل في موزمبيق.
ومن المتوقع أن تُقام مراسم جنازة رسمية لتكريم حياة وإرث سام نجوما، حيث ستشارك فيها شخصيات وطنية ودولية بارزة.