مقديشو برس – 8 نوفمبر 2025
في مشهد يعكس عودة روح الإنتاج الوطني إلى الحياة من جديد، افتتح الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود اليوم السبت مصنع “بنادر ستيل” في العاصمة مقديشو، وهو أول مصنع وطني لإنتاج حديد البناء في البلاد، يعتمد على إعادة تدوير المعادن القديمة وتحويلها إلى منتجات حديثة تُستخدم في مشاريع البنية التحتية والإسكان.
ويُنظر إلى هذا المشروع بوصفه خطوة استراتيجية في مسار بناء قاعدة صناعية محلية قادرة على تقليل الاعتماد على الواردات الخارجية، وتعزيز فرص العمل والإنتاج الوطني، في وقت تسعى فيه الحكومة الفيدرالية إلى تحقيق الاكتفاء الذاتي ودفع عجلة التنمية المستدامة.
خلال جولته في أقسام المصنع، شدّد الرئيس حسن شيخ على أهمية دعم المستثمرين الصوماليين الذين يغامرون برؤوس أموالهم داخل البلاد، قائلاً:
“أهنئ الشباب الذين اختاروا الاستثمار في وطنهم، فمشاريع كهذه لا توفّر فرص عمل فحسب، بل تمثّل ركيزة لتعافي اقتصادنا الوطني. نريد أن نرى الصومال يصنع احتياجاته بنفسه بعد ثلاثة عقود من التوقف.”
وأوضح الرئيس أن المصنع الجديد وفر أكثر من 400 فرصة عمل مباشرة للشباب الصومالي، مشيراً إلى أن الحكومة ستواصل دعم المبادرات الوطنية التي تعزز الإنتاج المحلي وتدعم رواد الأعمال في مختلف المجالات. كما دعا المغتربين الصوماليين إلى تحويل استثماراتهم إلى الداخل والمشاركة في بناء اقتصاد الوطن.
ويؤكد مراقبون أن هذا الافتتاح لا يقتصر على كونه مجرد مشروع صناعي، بل يمثل نقطة تحوّل في مسار الاقتصاد الصومالي الذي بدأ يستعيد عافيته تدريجياً بعد سنوات طويلة من الصراع والاعتماد على المساعدات الخارجية. فوجود مصانع وطنية مثل “بنادر ستيل” يفتح الباب أمام تحقيق الاستقلال الاقتصادي وتقليص الفجوة في سوق مواد البناء، إلى جانب المساهمة في خفض أسعار الحديد محلياً وتوفير بدائل وطنية للمشاريع الكبرى التي تنفذها الدولة والقطاع الخاص.
كما يُنتظر أن يشجع المشروع على ظهور صناعات مكمّلة في مجالات النقل والطاقة والتغليف، بما يعزّز الدورة الاقتصادية الداخلية، ويخلق بيئة إنتاجية متكاملة داخل البلاد.
ويرى الخبير الاقتصادي حسن أحمد علي أن هذه الخطوة تمثّل رسالة ثقة في قدرة الصوماليين على تحويل الخردة إلى قيمة مضافة، وأنها تعبّر عن توجه جديد نحو الاعتماد على الذات، بعيداً عن نمط الاقتصاد الريعي الذي ساد خلال العقود الماضية. وأضاف ان افتتاح مصنع الحديد يعتبر مؤشراً واضحاً على أن الصومال بدأت تدخل مرحلة جديدة من النهوض الصناعي الذي يمكن أن يغيّر وجه الاقتصاد الوطني خلال السنوات المقبلة.
وتأتي هذه الخطوة ضمن رؤية “الصومال 2030” التي تتبناها الحكومة الفيدرالية لبناء اقتصاد وطني متنوع ومستدام، يقوم على التصنيع المحلي، وتشجيع الاستثمار، وخلق فرص عمل للشباب. وتسعى الرؤية إلى تحويل الصومال من دولة تعتمد على الواردات والمساعدات إلى دولة منتجة ومصدّرة تعتمد على مواردها البشرية والطبيعية، مع التركيز على قطاعات الزراعة، والصيد، والطاقة، والصناعة.
ويمثل افتتاح مصنع “بنادر ستيل” نموذجاً عملياً لهذه الرؤية، إذ يجسد توجه الدولة نحو تمكين القطاع الخاص المحلي، وتعزيز الشراكة بين الحكومة والمستثمرين، بما يضع الصومال على طريق التحول الاقتصادي الحقيقي في السنوات القادمة.












