مقديشو برس
أعلنت وزارة الموانئ والنقل البحري في الصومال البدء الرسمي لتشغيل ميناء مقديشو الدولي على مدار 24 ساعة، في خطوة وُصفت بأنها من أبرز التحولات اللوجستية التي يشهدها القطاع البحري في البلاد خلال السنوات الأخيرة. وجاء القرار بعد اكتمال ترتيبات أمنية وتشغيلية قالت الوزارة إنها “مكّنت الميناء من تقديم خدماته ليلاً ونهارًا بذات الكفاءة”.
وأكدوزير الموانئ والنقل البحري، عبدالقادر محمد نور جامع، أن الميناء سيعمل بداية من مساء يوم السبت الموافق يوم 15 نوفمبر 2025 “بشكل متواصل دون توقف”، موضحًا أن التحسن الأمني في العاصمة مكّن من الانتقال إلى هذا المستوى من التشغيل.
وقال الوزير: “يشرفنا أن نعلن أن ميناء مقديشو سيبدأ من الليلة تقديم خدماته المينائية طوال الليل، وهذا يعني خدمة مستمرة بلا انقطاع، وهو تحول ستراتيجي انتظرناه طويلاً.”
وأشار إلى أن العمل على مدار الساعة سيُسهم في “تخفيف الازدحام داخل الميناء، وتسريع عمليات الشحن والتفريغ، وتقليل التأخير الذي كانت تواجهه السفن التجارية”، مضيفًا أن القرار يأتي ضمن رؤية الرئيس حسن شيخ محمود ورئيس الحكومة حمزة عبدي بري لتطوير قطاع النقل البحري.
من جانبه، أوضح مدير عام ميناء مقديشو، محمد علي نور (أميركا)، أن الخطوة ستحدث فرقًا كبيرًا في حركة التجارة داخل العاصمة، خاصة في ظل الازدحام الذي تشهده الطرق الكبرى.
وقال:“تشغيل الميناء لمدة 24 ساعة يخفف الضغط عن الطرقات، ويُتيح توزيع حركة الشاحنات على مدار اليوم، مما يقلل الاختناقات المرورية بشكل ملحوظ.”
وأكد أن الميناء أصبح اليوم قادراً على التعامل مع عدد أكبر من السفن والبضائع، بفضل التحديثات الفنية والإدارية التي نُفذت خلال السنوات الماضية.
ويأتي هذا التطور بينما شهد ميناء مقديشو طفرة في التصنيف العالمي خلال السنوات الأخيرة. ففي 28 سبتمبر/أيلول 2025، أعلنت وزارة الموانئ أن الميناء احتل المرتبة الأولى إقليميًا، وقفز عالميًا إلى المرتبة 163 من بين 407 موانئ شملها التقييم، فيما جاء ميناء بربرة ثانيًا إقليميًا في المرتبة 243 عالميًا.
ووصفت الوزارة هذا الإنجاز بأنه “تاريخي”، مشيرة إلى أنه يعكس نجاح خطط التحديث وتوسيع المرافق وتحسين كفاءة التشغيل. كما جرى وضع ميناء مقديشو ضمن أفضل خمسة موانئ إفريقية لعام 2024 إلى جانب موانئ في المغرب، السنغال، مصر ومدغشقر.
وفي تعليق على هذا الإنجاز، قال المدير العام للميناء محمد علي نور: “هذا التصنيف يثبت أن ميناء مقديشو قادر على المنافسة عالميًا حتى دون استثمارات هائلة، لأن الإدارة الجيدة وحدها تستطيع تغيير الواقع.”
ويمتد الميناء على مساحة تتجاوز 350 ألف متر مربع، ويستضيف أكبر ثلاث شركات نقل بحري للحاويات في العالم، ليكون البوابة التجارية الأولى للبلاد، سواء في استيراد المواد الغذائية والدوائية، أو مستلزمات البناء وإعادة الإعمار.
ويحمل الميناء تاريخًا يعكس تاريخ الدولة نفسها؛ إذ بدأ بناؤه عام 1973، واستمر حتى 1983، لكنه توقف بشكل كامل بعد اندلاع الحرب الأهلية في 1991، مما أدى إلى عزلة اقتصادية امتدت قرابة 15 عامًا.
ومع زيارة الرئيس التركي رجب طيب أردوغان التاريخية لمقديشو في 2011، بدأت مرحلة جديدة من إعادة الإحياء، حيث تولت شركة ألبيرق التركية تشغيله رسميًا عام 2014 بموجب اتفاقية امتياز، لتبدأ أعمال التحديث والتطوير التي أعادته إلى المعايير الدولية.
وبحسب وزارة الموانئ، فإن تشغيل الميناء 24 ساعة يأتي ضمن خطة قومية لإحياء قطاع النقل البحري وإعادة الصومال إلى موقعه الطبيعي في التجارة الإقليمية والدولية. كما يُتوقع أن تساهم الخطوة في زيادة دخل الدولة، وتسريع حركة البضائع، وتوسيع قدرة الشركات المحلية على الاستيراد والتصدير.
وبهذا القرار، يبدو أن ميناء مقديشو يستعيد تدريجيًا دوره الطبيعي كـ عصب اقتصادي للبلاد، وواحد من أبرز الموانئ الصاعدة في شرق أفريقيا.












