مقديشو برس/ العربي الجديد
يقول مدير ميناء مقديشو في الصومال، محمد علي نور، الذي شغل هذا المنصب في أغسطس/آب الماضي، في مقابلة مع “العربي الجديد”، إن ميناء مقديشو، الذي يعد أكبر موانئ الصومال، يشهد مرحلة مفصلية مع تنامي حركة التجارة الإقليمية بين موانئ شرق أفريقيا. وتركز إدارة الميناء على تحديث منظومة التشغيل، وتوسيع القدرة الاستيعابية، ورفع مساهمة الميناء في حركة التجارة الإقليمية بما يتماشى مع متطلبات النمو الاقتصادي المتسارع، حسب نور.
وصنف مؤشر أداء الموانئ للحاويات (Container Port Performance Index – CPPI) الذي يصدره البنك الدولي بالتعاون مع “ستاندرد أند بورز غلوبال” (S&P Global) ميناء مقديشو أفضل ميناء في دول شرق أفريقيا، وحل ثانياً في دول الساحل والصحراء
– ما هي أهمية موقع ميناء مقديشو؟ وما هو دوره في تعزيز النمو الاقتصادي في الصومال؟
— بفضل موقعه الاستراتيجي على أحد أهم ممرات الشحن في المحيط الهندي، يضطلع ميناء مقديشو بدور محوري في ربط القرن الأفريقي بالخليج وآسيا، كما يمثل شرياناً اقتصادياً حيوياً للدول غير الساحلية المجاورة مثل إثيوبيا وجنوب السودان. وتشير التوقعات إلى أن إيرادات الميناء مرشحة للتضاعف بحلول عام 2030 لتصل إلى نحو 500 مليون دولار سنوياً، مع إتاحة أكثر من 5 آلاف فرصة عمل مباشرة، إضافة إلى 20 ألف وظيفة غير مباشرة في مجالات النقل والخدمات اللوجستية والصناعات الزراعية، مما يعزز مكانة الميناء كقاطرة للتنمية الاقتصادية في المنطقة.
– ما أسباب تصنيف ميناء مقديشو أفضل ميناء في شرق أفريقيا؟
— هناك تطور ملحوظ ومتسارع في ميناء مقديشو حالياً، فقبل سنوات كان في ذيل التصنيفات العالمية، لا سيما تلك التي يصدرها البنك الدولي في مجالات الإدارة والتشغيل، واستيعاب واستقبال الحاويات والسفن الكبيرة. لكن بفضل الجهود الجبارة التي بذلتها إدارة الميناء، حقق ميناء مقديشو تطوراً ملموساً في السنوات الأخيرة، وصُنِّف أفضل ميناء في شرق أفريقيا ودول الساحل والصحراء.
كما أن دور شركة البيرق التركية الممتد لنحو عشر سنوات في تطوير الميناء وتسهيل عمليات تشغيله لا يُشق له غبار. وبهذه الجهود المتكاتفة، حققنا هذا الإنجاز ونسعى لأن يكون هذا الميناء أفضل ميناء في أفريقيا، فحالياً يتصدر المكانة الرابعة أفريقياً، ولكننا كلنا أمل في تطويره ليخدم دول شرق أفريقيا، خاصة الحبيسة، مثل إثيوبيا وجنوب السودان.
– ما هي الخطط المشروعة حالياً لتطوير الميناء؟
— استحدث الميناء عدداً من الرافعات الضخمة التي تُستخدم لرفع وتنزيل الحاويات من السفن إلى الرصيف والعكس. إلى جانب الإدارة الجيدة في تولي تلك المهام في الميناء، هي التي جعلت هذا الميناء يتصدر قائمة أفضل الموانئ في دول المنطقة، إذ تم افتتاح محطة حاويات جديدة رفعت الطاقة الاستيعابية السنوية من 150 ألفاً إلى 250 ألف وحدة مكافئة لعشرين قدماً (TEUs)، ويعالج الميناء الآن حوالي ستة آلاف حاوية شهرياً، مع خدمات خطوط ملاحية منتظمة من 10 إلى 15 رحلة شهرياً، مما قلل الازدحام وأظهر أثر الاستثمار والإدارة الفعالة. وهذا الميناء بات ينافس الموانئ المصرية والسنغالية والمغربية، ونأمل أن نتطلع إلى ريادة أفضل وفي قائمة التصنيفات العالمية.
– هل هناك تحديات يواجهها الميناء حالياً؟ وما هي الاستجابة الراهنة لمعالجة تلك التحديات خاصة من الحكومة الفيدرالية؟
— بالطبع، هناك تحديات لوجستية يواجهها الميناء، فأحياناً تحدث عملية انتظار في الميناء، إذ تضطر بعض السفن العملاقة إلى الانتظار خارج محيط الميناء لتأخذ دورها، وهذا بسبب الإقبال الكبير من السفن المحملة بالبضائع على هذا الميناء. لكن الحكومة الفيدرالية تخطط حالياً لتشييد مرفأ جديد في مقديشو، إلى جانب مطار عالمي خارج مقديشو. وتواصل هيئة ميناء مقديشو، بتوجيه من الحكومة، خطط إنشاء ميناء حديث على بعد 35 كم من مقديشو.
وتضمنت دراسة الجدوى خطة شاملة لميناء متكامل يتجاوز الموانئ التقليدية، مع منطقة اقتصادية خاصة (SEZ)، تشمل منطقة حرة لإعادة الشحن، ومراكز لوجستية متقدمة، ومناطق للصناعات الخفيفة والمصانع الصغيرة، لتصبح المنشأة مركزاً حديثاً للتجارة، التصنيع، والربط الإقليمي، إلى جانب استيعاب الزيادة السريعة في التجارة البحرية وتخفيف الضغط على الميناء الحالي.
– بعيداً عن عمليات التشغيل للميناء، كيف يتم فرز السلع والمواد المنتهية صلاحياتها وكيف يتم التعامل معها؟
— لا تقتصر أهمية ميناء مقديشو على كونه مركزاً لعمليات الشحن والإدارة فحسب، بل تتعداها ليكون خط الدفاع الأول لحماية الأسواق والمستهلكين في الصومال. فداخل الميناء يعمل مكتب مختص بمراقبة جودة السلع المستوردة، وفقاً للمعايير الدولية المتبعة، حيث كثفنا في الآونة الأخيرة الجهود لرصد البضائع منتهية الصلاحية وغير المطابقة للمواصفات. وقد نجحت فرق التفتيش في ضبط عدة حاويات تحتوي على مواد استهلاكية فاسدة، إلى جانب إحباط محاولات تهريب مواد مخدرة، مما يعكس الدور المتنامي للميناء في تعزيز الأمن الاقتصادي والصحي في البلاد.
– هناك شكاوى تأتي من حين لآخر من التجار المحليين، وتسبب إغلاقات تستمر أياماً للميناء، كيف تعالج هذه الشكاوى؟
— الضرائب المفروضة على التجار المحليين والتي يتم استيفاؤها في هذا الميناء ليست مجرد أموال تدخل في حسابات شخصية وتذهب إلى شركات خاصة، بل تدعم الاقتصاد المحلي، فبعضها يُصرف للجنود رواتب شهرية، وبعضها لتشييد الطرق والشوارع. ولهذا، فإن التعاون والتكاتف مهم جداً لاستمرار عمل هذا الميناء الحيوي، خاصة من التجار الصوماليين، حيث إن هذا الميناء يولد جزءاً كبيراً من الإيرادات الفيدرالية، ويخدم بصفته بوابة رئيسية للواردات الحيوية مثل المواد الغذائية الأساسية، الوقود ومواد البناء، كما يدعم الصادرات، خصوصاً الثروة الحيوانية والسمكية. في عام 2024، عالج الميناء ما يُقدّر ما بين 1.5 إلى مليوني طن من البضائع.










