مقديشو – 17 يوليو 2025
بعد انقطاع دام أكثر من ثلاثة عقود، دشنت الحكومة الفيدرالية الصومالية أول مركز بث فضائي وطني (Media Satellite Teleport) في العاصمة مقديشو، في خطوة وُصفت بأنها تحوّل استراتيجي يعيد الصومال إلى المشهد الإعلامي الإقليمي، ويعزز من سيادته التقنية في مجال الاتصالات والبث الإعلامي.
هذا المشروع الذي تشرف عليه وزارة الإعلام والثقافة والسياحة الصومالية، يُعتبر أول منصة رقمية للبث الفضائي يتم تطويرها داخل البلاد منذ انهيار الدولة في أوائل تسعينيات القرن الماضي. وقد تم تنفيذ المركز بأحدث الأنظمة الرقمية، ما يسمح بإرسال المحتوى الإعلامي مباشرة إلى الأقمار الاصطناعية دون الحاجة إلى المرور عبر مراكز دول أخرى كما كان سابقاً.
استقلال إعلامي وتقني
يُمثل مركز “Media Satellite Teleport” تحولاً جذرياً في البنية التحتية الإعلامية الصومالية، إذ يُتيح لمؤسسات الإعلام الوطنية بث برامجها بشكل مباشر ومستقل، دون وسيط أجنبي. ويمنح هذا الاستقلال الإعلامي الصومال قدرة أكبر على السيطرة على محتواها السيادي، والحد من الاختراقات الخارجية في مجال الاتصالات.
كما سيساهم المركز في تحسين جودة الخدمات الإذاعية والتلفزيونية، وتوسيع تغطية البث الوطني لتشمل كل مناطق البلاد، بل وحتى دول الجوار التي تضم جاليات صومالية كبيرة.
دوافع أمنية وتنموية
وإلى جانب الأبعاد التقنية، يحمل المشروع أهمية أمنية واضحة، إذ يمكن استخدام المركز لتأمين قنوات الاتصال الحكومية، وتطوير البنية التحتية الرقمية التي تعزز استجابة الدولة في حالات الطوارئ، خاصة في ظل التحديات الأمنية التي ما تزال تواجه البلاد.
وصرّح وزير الإعلام، السيد داوود أويس جامع، خلال عرضه للمشروع أمام مجلس الوزراء، أن المركز الجديد سيكون متاحاً لاستخدام مختلف المؤسسات الحكومية، بما في ذلك وزارات الدفاع والداخلية والاتصالات، في إطار تطوير بيئة رقمية حكومية متكاملة.
في اجتماع مجلس الوزراء المنعقد اليوم الخميس، أشاد رئيس الوزراء السيد حمزة عبدي بري بجهود وزارة الإعلام في تنفيذ هذا المشروع، معتبراً أنه “خطوة باتجاه بناء مؤسسات الدولة على أسس سيادية حديثة”، فيما اعتبره المجلس تتويجاً لسياسة التحول الرقمي التي تتبناها الحكومة الحالية.
جدير بالذكر أن الصومال كانت تمتلك سابقاً محطة بث فضائي من نوع “أنالوجي”، إلا أنها دُمرت خلال الحرب الأهلية التي اندلعت عام 1991. واليوم، وبعد 34 عاماً، تعود الدولة بمنصة رقمية حديثة تعبّر عن الطموحات الجديدة للبلاد في تحقيق الاستقلال الإعلامي الكامل.
بإنشاء هذا المركز، يكون الصومال قد وضع أول لبنة في بناء شبكة اتصالات وطنية سيادية، تمهد لإطلاق مشاريع أخرى في مجالات الإعلام الرقمي، والأمن السيبراني، والتحول الحكومي الإلكتروني، وهو ما قد يسهم في تغيير صورة البلاد تدريجياً في أعين الداخل والخارج.












