مقديشو برس + وكالات
تشير تحركات جديدة داخل الإدارة الأميركية إلى مراجعة شاملة لاستراتيجيتها تجاه بعض الجماعات المسلحة المرتبطة بتنظيم القاعدة، حيث كشفت مصادر عن توجه واشنطن لفتح قنوات تواصل – مباشرة أو غير مباشرة – مع حركة الشباب الصومالية، في وقت أعلنت فيه رسميًا إلغاء تصنيف “جبهة النصرة” السورية كمنظمة إرهابية أجنبية.
الحديث عن إمكانية بدء حوار مع حركة الشباب جاء على لسان المستشار السياسي الأميركي من أصل صومالي، حمزة ورفا، الذي أكد في مقابلة مع “Universal Somali TV” أن هناك اهتمامًا داخل دوائر صنع القرار في واشنطن بالسعي نحو حل سياسي للأزمة الصومالية، بعد فشل المقاربة العسكرية في القضاء على الحركة، رغم الدعم الدولي الواسع للحكومة الصومالية.
وقال ورفا: “الإشارات الصادرة من بعض مراكز القرار توحي بأن هناك استعدادًا لفتح مسار سياسي مع حركة الشباب، إما بشكل مباشر أو من خلال وسطاء، كجزء من استراتيجية أوسع لتقليل العنف وتحقيق الاستقرار في الصومال”.
حركة “الشباب المجاهدين” فصيل صومالي مسلح له أسماء كثيرة أبرزها حركة الشباب الصومالية، والشباب أو المجاهدون، وحركة المجاهدين، وحركة الشباب الإسلامي، والشباب الجهادي.
يعود تأسيس حركة الشباب الصومالية إلى عام 2004، لكن أول ظهور علني لاسم “حركة الشباب المجاهدين” كان في عام 2006، وبدأ نشاطها الكثيف وتداول اسمها في الإعلام بعد عام على ذلك.
انفصل عن اتحاد المحاكم الإسلامية، وأعلن سعيه لإقامة دولة إسلامية، ثم أعلن ولاءه لتنظيم القاعدة عام 2012، وشنّ حربا ضد الحكومة الصومالية وحلفائها في الداخل والخارج.
صنفت الولايات المتحدة الأميركية التنظيم عام 2006 ضمن قائمة المنظمات الإرهابية التي تشكل تهديدا لأمن العالم، ورصدت مبالغ كبيرة لمن يدلي بمعلومات عن أبرز قادتها.
وبالتوازي مع هذا التوجه، أعلنت إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب إلغاء تصنيف “جبهة النصرة” – التي كانت تُعد فرعًا رسميًا لتنظيم القاعدة في سوريا – من قوائم المنظمات الإرهابية الأجنبية، وذلك بموجب إشعار اتحادي رسمي نُشر على الإنترنت، ونقلته وكالة “رويترز”.
وتأسست جبهة النصرة عام 2012، وسرعان ما برزت كقوة رئيسية في الحرب السورية، قبل أن تعلن فك ارتباطها بتنظيم القاعدة وتعيد تشكيل نفسها تحت اسم “جبهة فتح الشام”، ثم تنخرط لاحقًا ضمن تحالف “هيئة تحرير الشام”. وعلى الرغم من هذه التغييرات، ظل اسمها مدرجًا في قوائم الإرهاب الأميركية حتى صدور القرار الأخير.
ويرى محللون أن هذه التحركات تعكس تحولًا نوعيًا في طريقة تعامل واشنطن مع الجماعات المسلحة في مناطق النزاع، حيث تسعى إلى خلق مسارات سياسية بديلة بعد سنوات من التركيز على القوة العسكرية وحدها، والتي أثبتت محدودية تأثيرها على المدى الطويل.
إلا أن هذه الخطوات أثارت في المقابل تساؤلات واسعة حول معايير التصنيف والإلغاء، ومدى انسجام السياسات الأميركية مع التزاماتها الدولية في محاربة الإرهاب. فبينما قد يُنظر إلى الحوار مع الشباب كخيار سياسي براغماتي، يرى كثيرون أن إلغاء تصنيف النصرة قد يفتح الباب لتطبيع ضمني مع جماعات لا تزال تحتفظ بأيديولوجية متشددة.
ولم تُصدر الخارجية الأميركية حتى الآن توضيحات رسمية بشأن دوافع القرارين، كما لم يصدر رد فعل رسمي من الحكومة الصومالية أو من حركة الشباب. لكن محللين يتوقعون أن تثير هذه التطورات مواقف متباينة في المنطقة، خاصة من دول تشارك بشكل مباشر في الحرب على الجماعات المسلحة.
ويرجح مراقبون أن واشنطن تسعى من خلال هذه التحولات إلى الحفاظ على مصالحها الأمنية والدبلوماسية في مناطق النزاع، عبر تبني نهج أكثر مرونة، يفتح المجال أمام تسويات سياسية في بيئات معقدة كالصومال وسوريا.











