مقديشو برس/ بقلم: الصحفي أحمد محمد أحمد
في تحول سياسي لافت، شهدت مدينة لاسعانود ختام مؤتمر شعبي واسع أفضى إلى إعلان تأسيس ولاية جديدة تحت مسمى “ولاية شمال شرق الصومال “، بمشاركة 417 مندوبًا من مناطق سول وسناغ وبوهودلي. المؤتمر الذي أشرفت عليه وزارة الداخلية والشؤون الفيدرالية والمصالحة، ناقش مسودة دستور الولاية الجديدة، وصوّت المشاركون لصالحه بالإجماع، إلى جانب اعتماد علم وشعار رسميين للإدارة الوليدة.
وزارة الداخلية والشؤون الفيدرالية أصدرت بيانًا ترحيبيًا بالخطوة، واعتبرتها تعبيرًا عن الإرادة الشعبية لسكان المناطق المذكورة. وأكدت الوزارة دعمها لكل مبادرة تسهم في توسيع قاعدة التمثيل المحلي ضمن إطار النظام الفيدرالي. غير أن البيان أشار أيضًا إلى ضرورة التشاور مع الأطراف ذات العلاقة، في إشارة إلى إدارتي بونتلاند وصوماليلاند، اللتين سبق أن أبدتا مواقف متشددة من أي ترتيبات تمس حدود مناطق نفوذهما التقليدي.
تأتي هذه الخطوة في ظل مشهد سياسي صومالي معقد. فمنذ سقوط الحكومة المركزية عام 1991، تشكلت في البلاد عدة إدارات فدرالية، وهم هيرشبيلي، غلمدغ، جنوب الغرب، جوبالاند، وبونتلاند، إلى جانب نظام خاص يحكم العاصمة مقديشو تحت إدارة الحكومة الفيدرالية.
أما صوماليلاند، فقد أعلنت انفصالها من جانب واحد عام 1991، وأقامت إدارة مستقلة تسيطر على معظم مناطق شمال غرب البلاد. وعلى الرغم من امتلاكها مؤسسات سياسية مستقرة، وسعيها الحثيث للاعتراف الدولي كدولة مستقلة، لم تنجح حتى الآن في نيل أي اعتراف رسمي من المجتمع الدولي، بينما تصر الحكومة الفيدرالية في مقديشو على اعتبارها جزءًا لا يتجزأ من أراضي الجمهورية الصومالية.
إعلان ولاية شمال شرق الصومال يفتح الباب أمام نقاشات جديدة حول طبيعة الفيدرالية، وجدوى إعادة رسم الخريطة الإدارية في ظل غياب توافق سياسي وطني شامل. فبينما ترى الحكومة الفيدرالية أن الولادة الجديدة تمثل تقدمًا في مسار دمج المجتمعات المهمشة ضمن الدولة، تنظر بونتلاند إلى الخطوة باعتبارها انتهاكًا لحدود نفوذها، في حين ترى صوماليلاند أن الإعلان يمس وحدتها الإقليمية.
لكن الأهم من ردود الفعل السياسية هو التحدي الفعلي الذي يواجه هذه الإدارة الجديدة، بدءًا من الحاجة إلى بناء مؤسسات خدمية وإدارية، ومرورًا بضمان الأمن في منطقة متوترة، وانتهاءً بكسب اعتراف سياسي حقيقي من بقية المكونات الفدرالية.
في نهاية المطاف، فإن مصير “ولاية شمال شرق الصومال ” لن يتوقف فقط على الدعم الحكومي أو التمثيل الشعبي، بل على قدرتها على البقاء في منطقة مشحونة بالتجاذبات السياسية، ومليئة بالمطالب التاريخية المتعارضة. فقد تكون هذه الولادة فرصة جديدة لترسيخ النظام الفيدرالي وتوسيع مظلته، أو قد تشكل نواةً لأزمة قادمة تزيد من تعقيد المشهد الصومالي المتشابك.












