مقديشو برس
فجّرت عملية اعتقال رئيس المنظمة السياسية غير الرسمية “الشعب”، عبد الرحمن سليمان جامع، على يد قوات الأمن الحكومية في العاصمة مقديشو، موجة عارمة من الجدل السياسي والانتقادات الحقوقية، وسط تساؤلات عن مستقبل الحريات السياسية في البلاد.
ووفقًا لبيان صادر عن قيادة شرطة إقليم بنادر، فإن عبد الرحمن اعتُقل من قبل وحدة تابعة لمركز شرطة “حمر ويني”، بتهم تتعلق بارتكاب “أفعال مناهضة لأمن الدولة”، دون تقديم تفاصيل واضحة بشأن طبيعة هذه الأفعال أو الدوافع الأمنية المباشرة خلف الاعتقال.
شهود عيان أكدوا أن عملية الاعتقال تمت أمام فندق “سَناغ”، وكان عبد الرحمن برفقة النائب في البرلمان عبد الكريم عبدي، الذي كشف أن عناصر أمنية تابعة لجهاز الاستخبارات الصومالية أوقفت السيارة، واقتادت عبد الرحمن إلى مقر احتجاز “غودكا جلعو”، المعروف بطبيعته الأمنية الخاصة، وفقا لموقع هيران
المنظمة السياسية “الشعب”، التي لا تزال في طور التأسيس ولم تحصل على ترخيص رسمي كحزب سياسي، أصبحت في الآونة الأخيرة أكثر حضورًا في المشهد الإعلامي، خصوصًا بعد التصريحات النارية التي أطلقها رئيسها ضد الحكومة، واتهامه المباشر للرئيس حسن شيخ محمود بـ”الفشل السياسي”، وتفكيك البنية العسكرية للدولة، بالإضافة إلى الإعلان عن تحركات لرفع دعاوى في المحاكم البريطانية والأمريكية ضد الحكومة الصومالية.
ردود الفعل السياسية لم تتأخر؛ فقد سارعت أحزاب معارضة مثل “هيملو قرن” بقيادة الرئيس الاسبق شريف شيخ أحمد و”ودجر” إلى إصدار بيانات شديدة اللهجة، اعتبرت ما جرى بمثابة “اختطاف سياسي”، و”انتهاك للدستور ولحق التعبير والتنظيم السياسي”، محذّرة من أن تتحول الدولة إلى سلطة لا تتقبل النقد أو التعدد.
في السياق ذاته، وصف الرئيس السابق محمد عبد الله فرماجو الاعتقال بأنه “تجسيد لنهج قمعي تتبعه الحكومة الحالية في التعامل مع الأصوات المعارضة”، مطالبًا بالإفراج الفوري عن عبد الرحمن، ومؤكدًا أن استمرار هذه الممارسات سيؤدي إلى تآكل ثقة المواطنين بمؤسسات الدولة وتدهور البيئة السياسية قبيل الاستحقاقات الانتخابية القادمة.
تشير هذه الحادثة إلى تصعيد سياسي قد يؤثر بشكل مباشر على المناخ الانتخابي المتوقع في البلاد. ففي الوقت الذي تستعد فيه الصومال للانتقال نحو انتخابات عامة، فإن مثل هذه الخطوات الأمنية ضد شخصيات تقود منظمات سياسية ناشئة تعكس حالة من التضييق على التعددية والتعبير الحر. وقد تُفهم على أنها رسالة غير مباشرة لباقي الفاعلين السياسيين، مفادها أن تجاوز الخطوط الحمراء في الخطاب المعارض قد يؤدي إلى ردود فعل أمنية حادة. هذا الواقع من شأنه أن يضعف ثقة الشارع في حياد مؤسسات الدولة، ويثير مخاوف من عودة الأساليب الإقصائية التي تقوض مسار بناء الدولة الديمقراطية.
حتى الآن، لم تصدر الحكومة الفيدرالية أي توضيح رسمي إضافي يبرر تفاصيل التهم الموجهة لعبد الرحمن، فيما يترقب الشارع الصومالي التطورات وسط حالة من الحذر والانقسام الحاد بين مؤيدي الإجراءات الأمنية ومعارضيها.