هرغيسا/ مقديشو برس
قضت محكمة إقليم مرودي جيح في صوماليلاند، اليوم الأربعاء 7 مايو 2025، بسجن الصحفي والناشط عبد المالك موسى علدون لمدة ستة أشهر، إلى جانب تغريمه مبلغاً قدره 3 ملايين شلن صوماليلاندي، في تطور جديد لصراع طويل بينه وبين سلطات الإقليم، يمتد منذ نحو ثمانية أعوام.
ولم تُقدَّم لوسائل الإعلام تفاصيل واضحة بشأن التهم التي أدين بها، كما لم تُعلن المحكمة الأسس القانونية التي استندت إليها في إصدار الحكم. واكتفى شهود من داخل قاعة المحكمة بالإشارة إلى أن علدون رفض توكيل محامٍ للدفاع عنه، مفضلاً الاعتماد على نفسه في الدفاع والرد على الاتهامات.
وكانت السلطات الأمنية قد اعتقلت علدون يوم 4 أبريل/نيسان الماضي في مدينة بربرة الساحلية، بعد أن عاد من منطقة شرقي صوماليلاند، حيث كان قد فرّ إليها خشية الاعتقال، حسب قوله. وأوضح آنذاك في منشورات له أن هناك توجهاً لإيداعه السجن بسبب مواقفه، وهو ما دفعه إلى مغادرة المنطقة، غير أن أسرته أقنعته بالعودة بعد طمأنات بأن القضية قد طُويت، إلا أن ذلك لم يمنع توقيفه فور وصوله.
وتشير مصادر قريبة من الملف إلى أن اعتقال علدون يرتبط على الأرجح بتعليق نشره على مواقع التواصل الاجتماعي، تناول فيه تقريراً بثته قناة الجزيرة، تحدث عن مزاعم موافقة صوماليلاند على استقبال نازحين فلسطينيين من قطاع غزة، ممن تسعى إسرائيل والولايات المتحدة إلى تهجيرهم، وهي مزاعم سارعت حكومة صوماليلاند إلى نفيها رسمياً.
وفي تعليقه المثير للجدل، كتب عبد المالك علدون :
“أنا من الصومال، وهذا الوزير لا يمثلنا، بل يمثل حكومة من المرتزقة. أهل فلسطين هم إخوتنا، وسكان غزة سيظلون صامدين وثابتين في أرضهم بإيمان وصبر.”
وهو ما اعتُبر من قبل البعض تجاوزاً للخطوط الحمراء، خاصة مع ذكره أسماء مسؤولين محليين بصيغة تلميحية ناقدة.
وتعود جذور الخلاف بين علدون وسلطات صوماليلاند إلى عام 2017، حين أبدى تأييده للرئيس الصومالي محمد عبد الله فرماجو عقب انتخابه، في موقف رآه قادة الإقليم تهديداً مباشراً لرواية الاستقلال والانفصال التي تتبناها صوماليلاند، والتي ترفض الاعتراف بشرعية الحكومة الفيدرالية في مقديشو.
ولم تكن هذه هي المرة الأولى التي يمثل فيها علدون أمام القضاء، فقد سبق أن وُجّهت له تهم في قضايا تتعلق بالتشهير ونشر معلومات كاذبة، أبرزها ما يتعلق باتهامات وجهها ضد مدرسة “أبارسو” ومركز الثقافة في هرغيسا، وهي قضايا تناوبت بين أحكام بالإدانة وأخرى بالبراءة، ما زاد من تعقيد علاقته بالسلطات.
ورغم أن علدون لم يُعرف بانتمائه إلى أي جماعة سياسية أو دينية معارضة بشكل رسمي، إلا أن بعض من يتابعون نشاطه الإعلامي يرون أن منشوراته تحمل أحياناً نبرة تحريضية، وتنطوي على إشارات يُمكن تأويلها بأنها تروّج لأفكار راديكالية أو تتحدى سلطة الدولة. ومع ذلك، لم يثبت عليه حتى الآن الانتماء لأي تنظيم معادٍ للدولة.
في المقابل، يرى مؤيدوه أن ما يتعرض له هو استهداف سياسي واضح، بسبب مواقفه الجريئة وتجاوزه للقيود المفروضة على الخطاب العام، لا سيما في القضايا الحساسة كالوحدة الوطنية، وحرية التعبير، والسياسات الإقليمية لصوماليلاند.
وتسلط قضية علدون الضوء مجدداً على التحديات التي تواجه الصحفيين والناشطين في صوماليلاند، في ظل غياب ضمانات قانونية واضحة لحماية حرية التعبير، في وقت تسعى فيه سلطات الإقليم إلى تعزيز شرعيتها الإقليمية والدولية.