مقديشو برس
بعد مرور ثلاث سنوات وثلاثة أشهر على انتخاب الرئيس حسن شيخ محمود، نشر رئيس الوزراء الصومالي الأسبق حسن علي خيري مقالًا تناول فيه الأوضاع السياسية والاقتصادية والاجتماعية في البلاد، مقدّمًا قراءة نقدية شاملة لمسار الدولة الصومالية في هذه المرحلة.
يرى خيري أن الصومال يعيش اليوم فراغًا دستوريًا خطيرًا، بعد أن سعى الرئيس حسن شيخ إلى إدخال تعديلات على الدستور الانتقالي المقر عام 2012 خارج الأطر القانونية المعتمدة، وهو ما أدى ـ بحسبه ـ إلى تمزق الوثيقة التي كانت تجمع الشعب والدولة، واستبدالها بما وصفه بـ”إرادة فردية مشوّهة”. وأشار إلى أن الصومال يواجه أزمة سياسية مشابهة لما حدث قبل 35 عامًا حين ألغى النظام العسكري الدستور التوافقي وأدخل البلاد في دوامة الانهيار.
وبحسب خيري، لم يتبقَّ من ولاية الرئيس سوى أقل من تسعة أشهر، ومع ذلك لم يُحسم بعد ملف الانتخابات الفيدرالية المقبلة، في وقت تمضي فيه الحكومة بتنظيم انتخابات “لا تحظى بتوافق سياسي ولا شرعية شعبية، وتعتمد على الإكراه والسلاح”، وفق تعبيره.
كما حذر رئيس الوزراء الأسبق من خطورة التوترات القائمة بين الحكومة الفيدرالية وإدارات بونتلاند وجوبلاند، مؤكدًا أن العلاقات بين الطرفين وصلت إلى مرحلة القطيعة السياسية، ما يشكل تهديدًا مباشرًا للوحدة الوطنية. وأضاف أن بعض المناطق تشهد صراعات غذّتها سياسات الحكومة، مشيرًا إلى أن جنودًا صوماليين مدرَّبين لمكافحة الإرهاب باتوا يواجهون بعضهم البعض في جبهات داخلية كمنطقة جدو.
على الصعيد الاقتصادي، اعتبر خيري أن الأوضاع تتدهور بوتيرة متسارعة، إذ باتت الأسواق شبه خالية، بينما يفضل رجال الأعمال الصوماليون الاستثمار خارج البلاد هربًا من “البيئة الطاردة” التي خلقتها الحكومة. وأوضح أن سوء الإدارة دفع كثيرًا من الأسر إلى الهجرة نحو دول الجوار، فيما يخاطر الشباب بحياتهم عبر البحار بعد أن فقدوا الأمل في مستقبلهم داخل الوطن.
وفي الجانب الاجتماعي، انتقد خيري ما وصفه بـ”الاستيلاء الممنهج على الأراضي العامة والخاصة” في العاصمة مقديشو، مؤكدًا أن أراضي الدولة تُباع في السوق السوداء، وأن فقراء المدينة يُهجَّرون بالقوة، بمن فيهم أسر تابعة لعناصر القوات المسلحة.
ولفت خيري إلى أن الحكومة الصومالية ما تزال تعتمد اعتمادًا شبه كامل على الدعم الدولي، إذ يغطي المانحون أكثر من ثلثي الميزانية العامة. إلا أن تفشي الفساد وسوء الإدارة ـ بحسبه ـ أدى إلى اهتزاز ثقة المجتمع الدولي، وإعادة تقييم الدعم المالي المخصص للبلاد، بل وحتى الغموض بشأن تمويل قوات الاتحاد الإفريقي العاملة في الصومال. كما أشار إلى فشل الحكومة في تنفيذ مشاريع تنموية كانت مخصصة للبلاد، ما أدى إلى إعادة مبالغ تقترب من نصف مليار دولار إلى المانحين.
وختم حسن علي خيري مقاله برسالة مباشرة إلى الرئيس حسن شيخ محمود، أكد فيها أن السياسات الحالية “لن تُقبل كما لم تُقبل من الرؤساء السابقين”، داعيًا إياه إلي إتاحة الفرصة لإنقاذ الدولة والشعب الصومالي قبل فوات الأوان”.