مقديشو برس
أثار تصعيد سياسي جديد بين الولايات المتحدة وحكومة الصومال موجة من النقاشات الإقليمية والدولية بعد أن دعا السيناتور الأمريكي تيد كروز، رئيس لجنة العلاقات الخارجية لشؤون إفريقيا، الرئيس الأمريكي دونالد ترامب إلى الاعتراف بـ”صوماليلاند” كدولة مستقلة. ويشير كروز إلى أن الاعتراف المحتمل من شأنه تعزيز مصالح الولايات المتحدة الأمنية والدبلوماسية في منطقة القرن الإفريقي، خصوصًا في مكافحة الجماعات الإرهابية مثل حركة الشباب وتهديدات القرصنة البحرية.
لكن موقف الحكومة الصومالية كان حازمًا، إذ أكدت سفارة الصومال في واشنطن أن أي خطوة للاعتراف بـ”صوماليلاند” تهدد وحدة أراضي البلاد وسيادتها، مؤكدين أن الجمهورية الفيدرالية للصومال تظل دولة موحدة وذات استقلال كامل. وأوضحت السفارة أن الجماعات الإرهابية تستفيد من أي محاولة لتقويض الوحدة الوطنية، داعية المجتمع الدولي لدعم سيادة الصومال بدلاً من إشاعة الانقسامات السياسية.
على الجانب الآخر، أصدرت سفارة الصين في الصومال بيانًا ترفض فيه أي تدخل خارجي في الشؤون الداخلية للصومال، مؤكدةً على ضرورة احترام سيادة الدول وفق ميثاق الأمم المتحدة، ومشددةً على موقفها الثابت فيما يتعلق بتايوان ومبدأ “الصين الواحدة”.
تتمتع صوماليلاند بتاريخ مستقل نسبيًا داخل القرن الإفريقي، حيث كانت مستعمرة بريطانية تعرف باسم الصومال البريطاني حتى عام 1960، حين حصلت على استقلالها ثم انضمت إلى الصومال الإيطالي لتشكيل الجمهورية الصومالية. بعد انهيار الدولة الفيدرالية في 1991 عقب الحرب الأهلية، أعلنت صوماليلاند استقلالها من جانب واحد، لكنها لم تنل اعترافًا دوليًا رسميًا.
من جانبها، تؤكد الحكومة الفيدرالية في مقديشو أن صوماليلاند جزء لا يتجزأ من أراضي الصومال، وأن أي محاولة للاعتراف بها كدولة مستقلة ستقوض وحدة البلاد وسيادتها الوطنية. وتستند مقديشو في موقفها إلى دستور الجمهورية وقرارات الاتحاد الأفريقي التي تحظر دعم الانفصال الأحادي
ويحلل الباحث عبد الوهاب شيخ عبد الصمد، مؤسس والمدير التنفيذي لمعهد أفروآسيا للدراسات الاستراتيجية، دوافع السيناتور كروز، مشيرًا إلى أن خطوة الاعتراف المحتمل بـ”صوماليلاند” تأتي في سياق طموح الاحتلال الإسرائيلي لتهجير الفلسطينيين إلى الإقليم، وهو ما قد يغير بشكل جذري خريطة الاستقرار الداخلي والإقليمي.
ويستعرض عبد الوهاب السيناريوهات المحتملة لهذه الخطوة:
1. وصول أولى رحلات اللاجئين الفلسطينيين إلى هرغيسا قد يثير دعوات داخل “صوماليلاند” لتأكيد الوحدة مع الصومال.
2. مطالبات القبائل الأخرى في الإقليم بالانضمام إلى الحكومة الفيدرالية، مما قد يضعف الإدارة الحالية.
3. إمكانية استغلال إثيوبيا وجود حماس “بالقرب من حدودها” كذريعة للتدخل والسيطرة على أجزاء من الإقليم.
4. رفض جيبوتي والحكومة الفيدرالية لأي انتهاك للسيادة الوطنية.
5. معارضة الاتحاد الإفريقي باعتباره خرقًا لميثاقه، ما قد يشجع حركات انفصالية أخرى في إفريقيا.
6. رفض محتمل من الصين وروسيا للاعتراف بالإقليم، مما يعقد أي جهود دولية لتثبيت الوضع الجديد.
7. استمرار الانقسامات الداخلية في “صوماليلاند”، بما في ذلك مشروع ولاية أودل.
8. احتمال تدخل مصر في حال سيطرة إثيوبيا على الإقليم، ما قد يفتح الباب لحروب بالوكالة داخل الصومال.
9. اعتبار الولايات المتحدة قوة استعمارية من قبل الشعوب المحلية، ما يزيد الاستياء الإقليمي تجاه أي خطوة أمريكية.
ويختتم عبد الوهاب تحليله بأن هذه السيناريوهات تظهر أن أي اعتراف محتمل بالإقليم قد يفتح “صندوق باندورا” من التوترات السياسية والأمنية في القرن الإفريقي، ويعقد الاستقرار الإقليمي ويهدد وحدة الصومال.