نيروبي – مقديشو برس
تحولت العاصمة الكينية نيروبي، وعدة مدن أخرى، إلى ساحات مواجهة بين آلاف المحتجين وقوات الأمن، في احتجاجات حاشدة خرجت في الذكرى الـ35 لما يُعرف بـ”Saba Saba”، وهو اليوم الذي يخلد أولى المظاهرات المناهضة لحكم الحزب الواحد في كينيا عام 1990. لكن المظاهرات هذه المرة جاءت بقيادة جيل جديد غاضب، يواجه أوضاعًا اقتصادية صعبة، ويدين “فساد السلطة” و”قمع الشرطة”.
اندلعت الاحتجاجات في 17 من أصل 47 مقاطعة في البلاد، حيث خرج المتظاهرون – ومعظمهم من فئة الشباب المعروفة بـ”جيل Z” – إلى الشوارع مرددين هتافات تطالب بالعدالة، ومحملين الرئيس الكيني ويليام روتو مسؤولية التدهور الاقتصادي وتغوّل الأجهزة الأمنية.
وقد تصاعدت التوترات بشكل سريع بعد أن واجهت قوات الشرطة المحتجين بالغازات المسيلة للدموع والرصاص الحي، مما أدى – بحسب اللجنة الوطنية لحقوق الإنسان – إلى مقتل 10 أشخاص على الأقل وإصابة 29 آخرين، بينهم حالات خطيرة، بالإضافة إلى إصابة 52 من عناصر الشرطة.
وتزامن تصاعد الغضب الشعبي مع حادثتين هزّتا الرأي العام مؤخرًا: وفاة المدوّن الشاب ألبرت أجووانغ أثناء احتجازه لدى الشرطة الشهر الماضي، وحادثة إطلاق نار على بائع متجول، مما أجّج مشاعر الاستياء الشعبي تجاه المؤسسة الأمنية.
من جهته، أعلن وزير الداخلية أن الحكومة لن تتسامح مع “أعمال الفوضى”، وأصدر تعليمات باستخدام “القوة الفورية” لردع ما وصفه بـ”المخربين”، في خطوة أثارت مزيدًا من الانتقادات من قبل منظمات حقوق الإنسان والنشطاء السياسيين.
وقد أُغلقت شوارع رئيسية في نيروبي، وطوقت الشرطة مبنى البرلمان ومقر الرئاسة بأسلاك شائكة، في وقت أعلنت فيه السلطات حالة تأهب قصوى تحسبًا لأي تصعيد جديد.
ويرى مراقبون أن المظاهرات الحالية تمثل تحوّلًا في المزاج الشعبي الكيني، لا سيما وأنها يقودها شباب لم يعيشوا مرحلة الصراعات السياسية التقليدية، بل تحركهم مطالب تتعلق بالشفافية، العدالة الاجتماعية، ومكافحة الغلاء والبطالة.
وفي هذا السياق، يقول الأكاديمي الكيني ماشاريا مونيني: “ما تشهده كينيا اليوم هو انتفاضة وعي يقودها جيل جديد لا ترهبه التهديدات الأمنية. محاولات تجريم الاحتجاجات لن تؤدي إلا إلى مزيد من الغضب الشعبي، وستُظهر الحكومة وكأنها خارجة عن العصر”.
ويتوقع أن تتزايد الضغوط على الرئيس روتو في الأيام المقبلة، وسط دعوات برلمانية وحقوقية لفتح تحقيقات شاملة في استخدام القوة ضد المتظاهرين، وضرورة مراجعة سريعة لسياسات الحكومة الاقتصادية والأمنية.











