السبت, سبتمبر 13, 2025
  • Login
مقديشو برس
Advertisement
No Result
View All Result
  • الرئيسية
  • السياسة
  • الأمن
  • الولايات
  • الإقتصاد
  • الإغاثة والتنمية
  • منوعات
  • الثقافة
  • الصحة
  • المقالات
  • التحليلات
  • تقارير
  • الدولي
  • حوارات
  • دراسات
مقديشو برس
No Result
View All Result

كتابة الماضي وتصحيح السرد التاريخي

أحمد الأزهري by أحمد الأزهري
سبتمبر 7, 2025
in تقارير
التطور الزمني للمسيرة التاريخية في الصومال نظرة عامة على الروايات الرئيسية والتحديات

بقلم: البرفسور  عبد الرحمن عبدالله باديو، أكاديمي ومؤرخ وسياسي صومالي، أحد مؤسسي جامعة مقديشو ، ورئيس مجلس الأمناء فيها، وضابط عسكري سابق،  ومستشار  الرئيس حسن شيخ محمود للشؤون السلام والمصالحة حاليا. 

في ممرات الزمن، لا يكون التاريخ صامتًا أبدًا. فهو يهمس أحيانًا، ويصرخ أحيانًا أخرى، ويتنازع عليه في الظل كما في النور. إن كتابة الماضي ليست مجرد تسجيلٍ للأحداث، بل هي معركة من أجل الهوية، وصراع لامتلاك الذاكرة، وقتال من أجل روح الأمة ذاتها. بعض القصص تلمع كالمشاعل، يُحتفى بها ويُخلَّد ذكرها؛ بينما تُدفن قصص أخرى في الصمت، تُكممها أيادٍ تخشى الحقائق التي تحملها. إن حمل قلم التاريخ هو في جوهره حمل سيف: يحدد من سيُذكر بطلاً ومن سيُوسم خائنًا، أيُّ النضالات ستتردد أصداؤها عبر الأجيال وأيُّها سيتلاشى كالدخان. ومع ذلك فالأمر يتجاوز مجرد صراع سياسي أو تنافس على السلطة، إنه حرب أخلاقية، تكون فيها العدالة والكرامة والاعتراف أثمن من أي تاج. كل قصة يُستعاد صداها، وكل حقيقة يُرد إليها صوتها، تصبح مصباحًا يبدد المحو، ينير دروب الحاضر ويكشف آفاق المستقبل. إن صياغة الماضي ليست مجرد حفظٍ للذاكرة، بل هي تعريف للذات، ومواجهة للحقائق، ورسمٌ للخريطة التي سيرثها القادمون. ومن ثم، فإن معركة التاريخ هي في جوهرها معركة لرؤية الذات بوضوح، ولتكريم الشجاعة والصمود، ولصناعة مستقبل يحمل العبء الكامل للنضال المتذكَّر.

لقد نسج الغرباء عبر أجيال طويلة حكايات مشوَّهة للتاريخ الصومالي، صوَّروا فيها الصوماليين كأنهم غرباء جاؤوا متأخرين إلى القرن الإفريقي، مهاجرين في موجات متعاقبة أو غزاة استولوا على أرض لم تكن لهم، وكأن وجودهم محض صدفة تاريخية بلا جذور. لكن الرياح التي تعصف بسهول الصومال العتيقة، وهمسات الشعر الشفهي التي تتناقلها الأجيال من الشيوخ إلى الأبناء، وأطلال الموانئ التجارية المنسية على سواحل المحيط الهندي، جميعها تروي قصة أخرى—قصة شعب متجذر في هذه الأرض منذ الأزل. فاللقى الأثرية المكتشفة في كهف لاس غيل قرب هرجيسا، بما تحويه من رسومات صخرية تعود إلى أكثر من خمسة آلاف عام، تشهد على استقرار الإنسان الصومالي القديم وعلاقته العميقة بالأرض والماشية والدين الرمزي. وفي الشمال الشرقي، تكشف نقوش دامبالين عن مشاهد صيد وحياة رعوية تُظهر امتداد الحضارة الكوشية المبكرة في المنطقة. أما الخيوط اللغوية التي تربط اللسان الصومالي بأقدم اللغات الكوشية فهي دليل حي على امتداد زمني طويل، يعزز ما ترويه السلاسل الشفوية غير المنقطعة للقبائل والأولياء التي تحفظ أسماء الأجداد وأعمالهم عبر قرون. وإلى جانب ذلك، تروي أطلال الموانئ القديمة مثل زيلع وبراوة، وأطلال مدينة أوبونا المذكرة في نصوص الرحالة، حكاية الصوماليين كتجّار وملاحين ربطوا العالم القديم من البحر الأحمر والمحيط الهندي وصولًا إلى الهند والصين. هذه الشواهد جميعها تقول إن الصوماليين لم يكونوا طارئين على القرن الإفريقي، بل كانوا حراسه وصنّاعه وورثته عبر آلاف السنين، يساهمون في صياغة هويته الحضارية ويمنحونه إيقاعه الخاص. إن قبول الرواية الزائفة للهجرة لا يعني مجرد خطأ في قراءة الماضي، بل هو إنكار للتربة نفسها التي تحتضن عظام الأجداد، وإنكار للاستمرارية الخالدة لحضارة ضاربة في عمق الزمن، منحت القرن الإفريقي صلابته ومعناه وأدخلته في قلب التاريخ الإنساني منذ بداياته الأولى.

تمامًا مثل الرواية الخاطئة عن الهجرة، هناك قصة أخرى تُحاك ببطء، تُقال في كتب المستعمرين وتقاريرهم، وتُردّد أحيانًا دون تمحيص: أن الصوماليين عاشوا مجتمعًا بلا دولة، وأن فكرة الدولة الحديثة أُهديت لهم من أيدي الغزاة الأوروبيين. لكن حين نسير في أزقة مقديشو القديمة، ونسمع أصداء الأمواج التي حملت سفن التجار إلى موانئها، أو حين نزور زيلع وبراوة حيث ارتفعت المآذن وأقيمت الأسواق، يتكشف تاريخ آخر مختلف، تاريخ يُظهر أن الصومال كان قلبًا نابضًا في جسد العالم الإسلامي. هنا حكم السلاطين المسلمون، ومن هنا قامت دول وسلطنات مثل الأجوران وعدل ، مدّوا سلطانهم على البر والبحر، وربطوا القرن الإفريقي بالعالم عبر المحيط الهندي والبحر الأحمر.وفي الريف، تحت أشجار السنط حيث يجلس الشيوخ في مجالسهم، أو في الأمسيات حين يتردد الشعر حاملًا القوانين العرفية، يظهر وجه آخر للحكم الصومالي. لم يكن مجتمعًا بلا نظام، بل شبكة حيّة تُعرف بـ الخير، تنظم العدالة وتُعيد المصالحة، مسترشدة ببوصلة الإسلام، وموثقة بعقود اجتماعية بين القبائل والفروع. لم تكن بدائية كما زعم الغزاة، بل مؤسسات متطورة أعطت مجتمعًا واسعًا ومتنقلًا القدرة على الأمن والتنظيم والتكيف. وعندما جاء الاستعمار، رسم حدودًا جديدة وفرض إدارات غريبة، لكنه لم يُنبت دولة من العدم، بل حاول أن يطمر النظام القائم أو يستبدله، تاركًا وراءه الرواية المضللة التي ما زال علينا اليوم أن نصححها.

هناك تشويه متكرر للتاريخ الصومالي يتمثل في الادعاء بأن ثقافة العشيرة تقف في مواجهة الدولة الحديثة، وأن الروابط القرابية نفسها تشكّل عقبة أمام التقدم. ثقافة القبائل في الصومال تتمتع بمرونة فريدة تسمح لها بالانفتاح على التعاون والتكيف مع الدولة الحديثة، طالما أن هذا التعاون يحترم الهياكل التقليدية والرموز الاجتماعية الراسخة؛ فالقبائل قادرة على الانخراط في مؤسسات الدولة، والمشاركة في صنع القرار، وتقديم الدعم الاجتماعي والسياسي، عندما تُعترف بهويتها ومكانتها، وتُعامل كشريك وليس كمجرد تابع. في المقابل، تُظهر نفس الثقافة مقاومة قوية عندما تُحاصر أو تُقمع، أو عندما يسعى تحديث الدولة إلى طمس قيمها التقليدية أو فرض نماذج غريبة على المجتمع. المشكلة الحقيقية لم تنشأ من وجود القبائل نفسها، بل من استغلالها—من قبل الإدارات الاستعمارية التي فرقّت وحكمت، ولاحقًا من قبل النخب السياسية التي حولت القرابة إلى أداة لتحقيق الطموحات السياسية والتحريك الجماهيري. وما يُصور على أنه سبب للانقسام، في جوهره، ثقافة العشيرة الصومالية هي نظام انتماء يمكن، إذا أُدير بحكمة، أن يكون أساسًا لمؤسسات دولة شاملة ومرنة، قادرة على التوازن بين التقاليد والاستجابة للتحديات الحديثة، وحافظة على الهوية والثقافة واستمرارية المجتمع في مواجهة ضغوط الدولة أو التحديث القسري.

ومثل ذلك التشويه المتكرر، هناك تصوير خاطئ للإسلام كعقبة أمام بناء الدولة الحديثة في الصومال، بينما الواقع يكشف عن قصة مختلفة؛ ففي غسق صومالي هادئ، تتناثر أضواء الأسواق المزدحمة في مقديشو وتعلو أصوات الباعة فوق همسات الرياح، ويتردد أذان الصلاة ليذكّر الجميع بأن الدين جزء لا ينفصل عن حياة الناس اليومية، هنا يتجلى الواقع بعيدًا عن الادعاءات الزائفة؛ فقد حاول المستعمرون نقل التجربة التاريخية للدولة الأوروبية إلى المستعمرات، مستوردين نماذج الحكم والمؤسسات الإدارية والفكر السياسي الغربي، مؤكدين على العلمانية وفصل السلطة عن الدين، وفرض رؤى حديثة على المجتمع بعيدًا عن التقاليد والروابط القبلية، معتبرين الإسلام قوة موحدة قد تعرقل مشروعهم الاستعماري. ومع ذلك، تجلس الشيوخ تحت ضوء القمر في القرى، يناقشون النزاعات ويعلمون الأطفال في مدارس القرآن، وتُستذكر الطرق الصوفية التي نظمت المقاومة ضد الغزو، لتكشف أن الإسلام لم يكن يومًا عائقًا، بل كان قوة موحدة وأداة مقاومة ثقافية، يشجع على إقامة الدول العادلة لكنه يرفض علمنة المسلمين وفصل الدين عن حياتهم العامة، مقدمًا البوصلة الأخلاقية والأساس الثقافي الذي يمكّن الصوماليين من التوفيق بين تقاليدهم ومتطلبات الدولة الحديثة، مثبتًا أن التاريخ المحلي وقيمه يمكن أن تتكامل مع الحداثة لبناء مؤسسات سياسية مستمرة، محافظة على الهوية الثقافية والدينية للمجتمع.

هناك رواية أخرى تتطلب تصحيحًا، وهي عادة توصيف كل المقاومة الصومالية ضد الاستعمار بأنها وطنية. للوقوف في سهول تليح المغبرة، حيث لا تزال أطلال حصون الدراويش تراقب الأفق، أو لاسترجاع انتفاضات مزارعي بنادر الذين قاوموا التجنيد الإيطالي، هو رؤية نضالات لم تولد من الوطنية الحديثة، بل من الإسلام والسيادة والشرف الجماعي. هؤلاء الناس دافعوا عن أرضهم ودينهم وكرامتهم ضد الغزو الأجنبي، ولم يعبّروا عن فكرة مجردة لدولة قومية كما تعرفها الفلسفة السياسية الأوروبية. الوطنية، في الواقع، كانت نتاج الحداثة الاستعمارية نفسها—انتشرت عبر مدارس البعثات التعليمية، والإدارات الاستعمارية، وطبقة صغيرة من النخب المثقفة حديثًا التي تعلمت لغة المستعمر. ولم يظهر التعبير الحقيقي عن الوطنية إلا عام 1943، عندما أسس مجموعة من الشباب الصومالي،نادي الشباب الصومالي في مقديشو. في الغرف المضاءة بشكل خافت حيث اجتمعوا، وُلدت رؤية جديدة: فكرة توحيد جميع الصوماليين تحت دولة حديثة واحدة. إن الخلط بين المقاومة المبكرة والوطنية هو بمثابة تسطيح للتاريخ، يمحو الجهاد الذي قاده العلماء، والتضامن الجماعي للقبائل الرعوية، والدماء التي أُريقَت من أجل الكرامة قبل أن يُسَمّى للوطنية اسم. إن تصحيح هذه الرواية يسمح لنا برؤية الخيطين بوضوح—التقاليد العميقة والموروثة للمقاومة التي حافظت على تماسك المجتمع الصومالي، واليقظة الوطنية اللاحقة التي حولت هذه الإرث إلى مشروع سياسي للاستقلال.

إحدى أوجه النقص في السرديات التاريخية هي إغفال مساهمة النساء الصوماليات في التطور التاريخي للأمة، وهو غياب يغيّب عن الذاكرة دورهن الفاعل في بناء المجتمع وصيانته عبر العصور. خلال الحرب الأهلية وما تلاها، تصاعد دور النساء بشكل ملحوظ، إذ تولين إدارة المنازل والمخيمات، ونقلن التقاليد والتربية للأطفال وسط الفوضى، وأصبحن أعمدة للمجتمع في غياب الدولة، ينسجن النسيج الاجتماعي المتصدع بحكمة وصبر، ويساهمن في العملية السياسية عبر المشاركة في المجالس المحلية، والمفاوضات القبلية، والمبادرات المجتمعية التي تسعى لإعادة بناء مؤسسات الدولة. كثيرًا ما صوِّرن كراقبات صامتات، لكن الحقيقة مختلفة تمامًا؛ ففي ساحات القرى، كانت الأمهات ينقلن التقاليد الشفوية، يعلمّبن الأطفال القرآن والشعر الذي حفظ الذاكرة الجماعية، ويغرسن القيم والأخلاق التي ربطت الأجيال بعضها ببعض، ويقدن الحوار السياسي المجتمعي حين تعجز الهياكل الرسمية عن التدخل. وعندما تعالت أصوات النزاع بين الرجال أو غاب حل الوسط، كانت حكمتهن تدير المفاوضات وتسند المصالحات، أحيانًا بحكمة تفوق ما يستطيع الرجال تقديمه. وفي خضم المقاومة ضد الغزو الاستعماري، كانت النساء يقفن في الخطوط الأمامية، يحملن المؤن ويعالجن الجرحى، وأحيانًا حملن السلاح للدفاع عن الأرض والكرامة. في الرعي، في الأسواق، وفي الخيام أثناء النزوح، كانت أصواتهن تحدد توزيع الموارد، وتوجه مصالحات القبائل، وتحافظ على تماسك الأسر والمجتمع بأسره، كما ساهمن في صياغة القرارات السياسية التي أثرت في إدارة المجتمعات المحلية والدولة الوليدة. بعيدًا عن الغياب الذي يحاول المؤرخون تصويره، كانت النساء الصوماليات مهندسات صامتات للحياة اليومية وقائدات ظاهرات في قصة الأمة، يصنعن التاريخ بصبرهن وعزيمتهن، ومع ذلك، تبقى مساهماتهن مهملة، في انتظار أن تُستعاد عن قصد وتُنسج مرة أخرى في النسيج الأوسع للسرديات التاريخية الصومالية، لتروي قصة الأمة كما كانت تُكتب من خلال صمودهن وشجاعتهن ومشاركتهن السياسية

إن تصحيح هذه السرديات ليس مجرد عمل للباحثين المتفرغين ؛ بل هو ضرورة سياسية وثقافية تتحدث إلى روح الأمة نفسها، فالقصص التي يرويها الشعب عن نفسه هي البوصلة التي من خلالها يحدد مستقبله—قصص قد تصغّره إلى ظلال زائفة أو ترفعه إلى نور الحقيقة. بالنسبة للصوماليين، استعادة تاريخهم يعني أكثر من مجرد تصحيح السجل؛ فهو استعادة للفخر، واسترجاع للكرامة، وبناء رؤية للدولة متجذرة في الأصالة بدلًا من التشويه. ومن خلال إعادة النظر في هذه التحريفات ونسج الأصوات المكبوتة مرة أخرى، يستطيع الصوماليون تشكيل هوية جماعية متوازنة وشاملة وممكّنة، هوية تكرم الماضي بينما توجه المستقبل. إن النضال من أجل سرديات التاريخ الصومالي لا ينفصل عن الكفاح من أجل روح الأمة نفسها، فهو واجب أخلاقي وسياسي يؤكد أن الصوماليين وحدهم من سيعرفون أنفسهم، ويكرمون تضحيات أسلافهم، ويصوغون مستقبلًا متجذرًا في حقائق ماضيهم، ويعيش هذا النضال في كل قصيدة تُلقى، وكل مؤرَّخ يُدوَّن، وكل قصة تُنقل إلى الجيل التالي، حيث يستمر إرث المقاومة ويعلن أن تاريخ الصومال ملك لشعبه أولًا وقبل كل شيء. تحمل هذه المعركة أهمية أخلاقية عميقة، فهي تسعى إلى العدالة لأولئك الذين تم محوهم من السجلات الرسمية، والاعتراف بالحركات والمجتمعات التي طال تجاهلها، واستعادة الكرامة والهوية والاستمرارية، وفي جوهرها هي سعي للحقيقة—ليست مجرد سجل ثابت للأحداث، بل حوار حي بين الماضي والحاضر، يشكل فهم المجتمعات لأنفسها وكيفية توجيه مستقبلها، وكل قصة يتم الحفاظ عليها أو استعادتها تصبح فعلًا من أفعال المسؤولية الأخلاقية، لتضمن أن الذاكرة لا تعمل فقط كسجل لما كان، بل كدليل لما يمكن أن يكون، مُمكّنةً للأجيال من التعلم من التاريخ، ومقاومة التشويه، وتأكيد مكانتهم المستحقة في السرد المستمر لشعبهم.

في العالم الحديث، تتكشف معركة سرديات التاريخ عبر ساحات لا حصر لها—الكتب المدرسية، وسائل الإعلام، النُصُب العامة، التقاليد الشفوية، والأرشيفات الرقمية تصبح جميعها فضاءات متنازع عليها حيث تُكتب القصص، وتُتحدى، وتُدافع عنها، والمجتمعات التي تفشل في الانخراط في هذا الصراع تُعرض نفسها لخطر الانصياع للذكريات المشوهة، وتكرار الأخطاء الماضية، أو استيعاب تاريخ يخدم الأقوياء بدل الشعب نفسه. في المقابل، أولئك الذين يستعيدون سردياتهم ويصارعون التحريف يغرسون القدرة على الصمود، ويعززون الهوية الجماعية، ويطورون مواطنة واعية قادرة على اتخاذ خيارات مدروسة ومتجذرة تاريخيًا، حيث يصبح كل فعل للحفاظ على الذاكرة أو تفسيرها أو استعادتها ليس مجرد تأكيد للحقيقة فحسب، بل أيضًا أساسًا للتمكين الجماعي، يضمن أن تشكل الذاكرة الحاضر بمسؤولية وتوجه المستقبل بحكمة. في النهاية، إن النضال من أجل سرديات التاريخ ليس مجرد تمرين في تذكر الماضي—بل هو فعل حاسم لصياغة الحاضر والمطالبة بالمستقبل، تذكير صارم بأن التاريخ لا يكون محايدًا أبدًا، وأن كل قصة تُروى تحمل قوة، وأن الصمت أو اللامبالاة يتيحان للآخرين تحديد الواقع نيابة عنك؛ والانخراط في هذا الصراع يعني المطالبة بالملكية على الذاكرة الجماعية، ومواجهة التحريفات، وضمان أن تُوجه دروس وانتصارات ونضالات الشعب القرارات المعاصرة ومسارات الأجيال القادمة، ومن ثم فإن القتال من أجل التاريخ هو القتال من أجل الفاعلية، والهوية، والحق في تحديد كيفية فهم المجتمع لنفسه ومصيره، حيث يصبح كل سرد يُستعاد أو يُصاغ فعل مقاومة، ومساهمة مباشرة في تمكين الأمة من التحكم بماضيها وفهم حاضرها وصياغة مستقبلها.

ShareTweetSend
أحمد الأزهري

أحمد الأزهري

Related Posts

ضحايا في شواطئ مقديشو بعد هبوب رياح موسمية وأمواج مرتفعة
تقارير

شاطئ ليدو وسوق السمك.. حكاية الصوماليين مع البحر

سبتمبر 8, 2025
كيف بنت حركة الشباب الصومالية شبكتها المالية؟
تقارير

تقارير تحذر من مرتزقة مسلحين يتدفقون إلى الصومال وسط تعاون متزايد بين الحوثيين وحركة الشباب

سبتمبر 8, 2025
قرار مثير للجدل: الصومال يلزم مواطنيه بجوازات أجنبية بالتأشيرة المسبقة لدخول البلاد
تقارير

قرار مثير للجدل: الصومال يلزم مواطنيه بجوازات أجنبية بالتأشيرة المسبقة لدخول البلاد

سبتمبر 5, 2025
ثلاثة رؤساء صوماليين سابقين يتهمون الرئيس الحالي بانتهاك الأراضي العامة
تقارير

ثلاثة رؤساء صوماليين سابقين يتهمون الرئيس الحالي بانتهاك الأراضي العامة

أغسطس 19, 2025
“ضربة قاضية”.. عبد العزيز فارح يواجه 28 عامًا خلف القضبان في قضية احتيال غذائي ضخمة بأمريكا
تقارير

“ضربة قاضية”.. عبد العزيز فارح يواجه 28 عامًا خلف القضبان في قضية احتيال غذائي ضخمة بأمريكا

أغسطس 7, 2025
كيف وصلت المسيرات الأوكرانية إلى الجماعات المسلحة في القارة السمراء وليبيا
تقارير

كيف وصلت المسيرات الأوكرانية إلى الجماعات المسلحة في القارة السمراء وليبيا

أغسطس 6, 2025

أحدث المقالات

الصومال يعلن تضامنه مع قطر ويؤكد حقها في اتخاذ الإجراءات الضرورية

الصومال يعلن تضامنه مع قطر ويؤكد حقها في اتخاذ الإجراءات الضرورية

سبتمبر 12, 2025
وزارة الدفاع الصومالية تعلن تدمير نقطة تفتيش لحركة الشباب في شبيلي السفلى

الصومال.. عملية تصدٍ واسعة تسفر عن مقتل أكثر من 30 مسلحًا من حركة الشباب في غلغدود

سبتمبر 12, 2025
بالصور..  الصومال تتسلم معدات متطورة من بريطانيا لمكافحة المتفجرات

بالصور.. الصومال تتسلم معدات متطورة من بريطانيا لمكافحة المتفجرات

سبتمبر 11, 2025
الصومال تدين الاعتداء الإسرائيلي على قطر وتؤكد دعمها الكامل للدوحة

الصومال تدين الاعتداء الإسرائيلي على قطر وتؤكد دعمها الكامل للدوحة

سبتمبر 11, 2025
كينيا تجدد التزامها بدعم السلام في الصومال وتدعو لمساندة دولية لبعثة أوصوم

كينيا تجدد التزامها بدعم السلام في الصومال وتدعو لمساندة دولية لبعثة أوصوم

سبتمبر 11, 2025
الصومال يعود إلى عضوية مجلس الأمن الدولي بعد 54 عامًا

الصومال بين الدول الأكثر تضررًا بانتهاكات الأطفال في مناطق النزاعات

سبتمبر 11, 2025

التعريف بالموقع

موقع صومالي معلوماتي تفاعليّ مستقلّ يعني بالشأن الصومالي

روابط إضافية

  • الرئيسية
  • السياسة
  • الأمن
  • الولايات
  • الإقتصاد
  • الإغاثة والتنمية
  • منوعات
  • الثقافة
  • الصحة
  • المقالات
  • التحليلات
  • تقارير
  • الدولي
  • حوارات
  • دراسات

ابق على اتصال

Facebook Twitter Youtube

© جميع الحقوق محفوظة مقديشو برس 2022

No Result
View All Result
  • الرئيسية
  • السياسة
  • الأمن
  • الولايات
  • الإقتصاد
  • الإغاثة والتنمية
  • منوعات
  • الثقافة
  • الصحة
  • المقالات
  • التحليلات
  • تقارير
  • الدولي
  • حوارات
  • دراسات

Welcome Back!

Login to your account below

Forgotten Password?

Retrieve your password

Please enter your username or email address to reset your password.

Log In