مقديشو برس / بقلم الكاتب الصحفي: أحمد محمود جيسود
تشكل حركة الشباب الإرهابية تهديدا للأمن والاستقرار في الصومال والمنظقة على حد سواء التي أربكت أمن الصومال ودول الجوار،وتنشطة منذ 2006م، وارتبطت بتنظيم القاعدة رسميًا في عام 2012، مما وسع من نطاق تهديدها على طول الحدود الصومالية.
تعتمد أيديولوجية الحركة على مزيج من السلفية الجهادية والقومية الصومالية، حيث ترفض شرعية الحكومة الفيدرالية الصومالية المدعومة دولياً وتطالب بتطبيق وفقا لتفسيرها الصارم للشريعة الإسلامية، على الرغم من الحملات العسكرية الكبرى التي تشنها الحكومة بدعم من بعثة الاتحاد الأفريقي والضربات الجوية الأمريكية، ما تزال الحركة تسيطر على المناطق القليلة المتبقية في جنوب وسط الصومال وأحيانا تشن هجمات منتظمة في العاصمة مقديشو ومدن أخرى ،تجدر الإشارة إلى أن القوات الأمنية الفيدرالية تنفذ في عمليات تمشيط في محاولة للتغلب على المشاكل الأمنية في البلاد.
شبكة الدعم المعقدة: الأسلحة والخبراء والتمويل
تستمد حركة الشباب قوتها من شبكة دعم معقدة ومتعددة المصادر. المصدر الأساسي هو ارتباطها بتنظيم القاعدة المركزي، الذي يزودها بالتوجيه الأيديولوجي والتخطيط الاستراتيجي، ويفترض أن يمدها بخبراء عسكريين في مجالات مثل صناعة العبوات الناسفة والأمن السيبراني. كما توجد ادعاءات، ، حول دعم لوجستي أو مالي من جهات إقليمية ودولية وهو ما تنفيه تلك الدول باستمرار.
غير أن الدعم الأكثر تأثيراً يأتي من العلاقات التكتيكية مع جهات فاعلة أخرى. فعلى سبيل المثال، تشير تقارير إلى تعاون متقطع مع جماعة لحوثيين في اليمن وأفريقيا لتهريب الأسلحة الخفيفة والمتفجرات عبر الممرات البحرية والبرية. الأهم من ذلك، نجحت الحركة في تطوير قدرات محلية في مجال الطائرات المسيرة، حيث يُعتقد أنها تحصل على مكوناتها عبر قنوات تهريب من دول الجوار أو من خلال شراء معدات تجارية مزدوجة الاستخدام، مما يمكنها من إجراء عمليات المراقبة وحتى الهجمات باستخدام هذه التقنيات.
وفي هذا الإطار، نشرت قنوات تلغرام أوكرانية في الأيام القليلة الماضية، صورًا لمقاتلين أوكران وخبراء في مجال الطائرات المسيرة متواجدين في الصومال يقدمون الدعم وينقلون الخبرات العسكرية لبعض العناصر الإرهابية، وهذا يتوافق مع العديد من التقارير الصادرة أخيرًا والتي تتهم السلطات الأوكرانية في دعم الإرهاب وبعض الجماعات المسلحة في مالي وليبيا والسودان وغيرها، وعن طريق شبكة تهريب كبرى تديرها السفارات الأوكرانية المنتشرة في أفريقيا.
التدخل الأوكراني في افريقيا
ابتكرت كييف سياسة تُعرف بـ”النهضة الأوكرانية – الإفريقية”، حيث شرعت منذ عام 2022 في تعزيز علاقاتها مع الدول الإفريقية عبر افتتاح سفارات جديدة في عدد من الدول مثل غانا وجمهورية الكونغو وساحل العاج وموريتانيا وتنزانيا وغيرها، من أجل توسيع حضورها الدبلوماسي إلى 18 بعثة قنصلية في القارة. كما أرسلت أوكرانيا عبر برنامج “الحبوب من أوكرانيا” مساعدات غذائية هائلة تصل إلى مئات آلاف الأطنان مستفيدةً منها أكثر من 8 ملايين شخص في 12 دولة إفريقية، كجزء من دعمها الإنساني وموقفها المناهض للحصار الروسي.
في يوليو 2024، كشفت جبهة تحرير أزواد في شمال مالي، عن هجوم ناجح قتل فيه 84 عنصرًا من مرتزقة فاغنر المتعاقدة مع الحكومة و47 جنديًا ماليًا، استُخدمت فيه معلومات استخبارية أوكرانية وتدريب على استخدام الطائرات المسيرة، كما أكد المتحدث باسم الاستخبارات الأوكرانية أندري يوسوف، أن “المتمردين تلقّوا كل المعلومات التي أتاحت لهم تنفيذ العملية”.
هذا التدخل العسكري، رغم نجاحه في إلحاق ضرر بفاغنر، أثار غضب دول إفريقية عدّة؛ فقد قطعت مالي والنيجر علاقاتهما مع أوكرانيا، كما نددت منظمة ECOWAS والمجتمع الدولي بالتدخل الأجنبي الذي يهدّد استقرار المنطقة.
وفي سياق النزاع في السودان منذ عام 2023، تدعم أوكرانيا قوات الدعم السريع المتمردة ضد الجيش النظامي للبلاد عبر تقديم تدريبات على استخدام الطائرات المسيرة ووجود خبراء أوكران ضمن صفوف قوات الدعم السريع، وأكد هذا الدعم أكثر من مسؤول أوكراني على رأسهم ممثل أوكرانيا في الشرق الأوسط وأفريقيا مكسيم صبح، بالإضافة الى تقارير عدة أكدت وجود مدربين وخبراء أوكران ضمن صفوف الدعم السريع.
على الرغم من دفء بعض اللقاءات الأوكرانية الأفريقية والدبلوماسية الثقافية، تلوّنت الاستراتيجية الأوكرانية بلمسة من الحرب بالوكالة، مما يفتح النقاش حول مدى جدوى التوازن بين الدبلوماسية والتدخل العسكري في تحقيق تأثير مستدام في إفريقيا.