مقديشو – 19 أغسطس 2025
في خطوة سياسية نادرة، أصدر ثلاثة من رؤساء الصومال السابقين، عبد القاسم صلاد حسن، شريف شيخ أحمد، ومحمد عبد الله فرماجو، بيانًا مشتركًا اتهموا فيه الرئيس الحالي حسن شيخ محمود بالتورط في انتهاكات للأراضي العامة في العاصمة مقديشو. الرؤساء أوضحوا أن ما يجري من استيلاء على الأراضي وإخلاء بالقوة تسبب في سقوط ضحايا وتهجير عدد كبير من العائلات، الأمر الذي وصفوه بأنه خرق صريح للدستور المؤقت والقوانين الوطنية التي تنظم إدارة الموارد والأراضي العامة.
البيان استند إلى مواد دستورية وقانونية تحدد آليات التصرف في الأراضي، مثل إلزامية إشراف الجهات الرسمية المختصة على عمليات البيع أو التخصيص، ووجوب نشر القرارات المتعلقة بها في القنوات الحكومية الرسمية، وضمان المساواة بين المواطنين في الحصول على الأراضي والاستفادة من مواردها. كما نصت تلك القوانين على أن عائدات الأراضي يجب أن تذهب مباشرة إلى خزينة الدولة، وهو ما قال الرؤساء السابقون إنه لم يحدث في الممارسات الأخيرة التي تمت خارج الأطر القانونية.
وطالب القادة الثلاثة الرئيس الحالي بوقف هذه الانتهاكات بشكل فوري، والعمل على إعادة توطين الأسر التي جرى تهجيرها، إضافة إلى استعادة الأراضي التي تم التصرف فيها بشكل غير قانوني. وأكدوا أن استمرار هذه الممارسات يفاقم معاناة المواطنين، ويقوض الثقة بين الشعب ومؤسسات الدولة، كما أنه يفتح الباب واسعًا أمام الفساد والتمييز.
وفي ختام بيانهم، وجه الرؤساء السابقون رسالة تحذيرية للتجار والمواطنين، داعينهم إلى عدم الانخراط في أي صفقات أو استغلال للأراضي التي هي ملك عام للشعب الصومالي، باعتبار أن ذلك يعزز الفساد ويضرب أسس العدالة والدستور. واعتبروا أن حماية الأراضي والموارد مسؤولية وطنية مشتركة، وأن أي تهاون في هذا الملف ستكون له تداعيات خطيرة على الاستقرار السياسي والاجتماعي في البلاد.
إن صدور بيان مشترك من ثلاثة رؤساء سابقين ينتمي كل منهم إلى مرحلة سياسية مختلفة يعكس بداية اصطفاف واسع ضد الرئيس الحالي. هذه الخطوة تتجاوز النقد الفردي المعتاد، لتتحول إلى جبهة سياسية قوية تهدف إلى سحب الشرعية السياسية والأخلاقية من حسن شيخ محمود، في وقت يواجه فيه تحديات جسيمة على الصعيدين الأمني والاقتصادي.
البيان من الناحية القانونية استند إلى مواد الدستور المؤقت وأحكام القوانين التي تنظم الإشراف على الأراضي العامة، ما يمنحه ثقلًا قضائيًا قد يمهد لتحركات داخل البرلمان أو أمام القضاء. أما على الصعيد الاجتماعي، فقد ركّز على الضحايا والمهجّرين، وهو خطاب يستهدف الرأي العام ويعزز السخط الشعبي.
كما يحمل البيان رسائل مبطنة للمجتمع الاستثماري، حيث يشير إلى أن أية عقود أو صفقات تتم في ظل هذه “المخالفات” غير محمية قانونيًا على المدى الطويل. هذا قد يُربك السوق العقاري ويضعف الثقة بالبيئة الاستثمارية في مقديشو.
بيان الرؤساء الثلاثة لا يمكن اعتباره مجرد انتقاد عابر، بل يمثل خطوة سياسية جادة قد تُدخل البلاد في موجة جديدة من الاستقطاب. فإذا تطور الأمر إلى تحركات داخل البرلمان أو حراك شعبي مدني، فإن الأزمة قد تأخذ بعدًا دستوريًا خطيرًا يضعف موقع الرئيس حسن شيخ محمود، خصوصًا في ظل الضغوط المتزايدة التي تواجهها حكومته في الحرب ضد حركة الشباب والتوترات مع الولايات الفيدرالية.