مقديشو برس
اتفقّت الحكومة الفيدرالية الصومالية وعدد من قيادات منتدى الإنقاذ الوطني على تفاهم سياسي جديد يهدف إلى تنظيم الانتخابات المقبلة وتعزيز مسار بناء الدولة في ظل التحديات الأمنية والسياسية التي تواجه البلاد. ويأتي هذا الاتفاق بعد انقسامات عميقة داخل المنتدى نفسه بين جناح داعم للعملية الانتخابية وفق رؤية الحكومة وآخر معارض لها، ما جعل التوصل إلى هذا التفاهم خطوة نوعية لإعادة ترميم المشهد السياسي.
شارك في هذا الاتفاق عدد من قيادات منتدى الإنقاذ الوطني ممن يُعدّون من أبرز الوجوه السياسية في الصومال، حيث ضمّ كلًا من محمد مرسل شيخ عبدالرحمن، رئيس البرلمان الأسبق وعضو مجلس الشعب الحالي، وشريف حسن شيخ آدم، الرئيس الأسبق لولاية جنوب غرب ورئيس البرلمان الأسبق، إضافة إلى رئيس الوزراء الأسبق عمر عبدالرشيد علي شرماركي، ووزير الإعلام الأسبق طاهر محمود غيلي الذي يشغل أيضًا منصب المتحدث باسم المنتدى.
ونصّ البيان المشترك على أن انتخاب رئيس الجمهورية سيكون عبر البرلمان الفيدرالي، بينما يتولى برلمان كل ولاية انتخاب رئيسه ونائبه. كما منح الاتفاق الرئيس الصومالي صلاحية تسمية رئيس الوزراء على أن يصادق عليه البرلمان الفيدرالي الذي يحتفظ أيضًا بحق سحب الثقة. واتفق الطرفان على أن أي حزب يحصل على 10% من مقاعد البرلمان الفيدرالي يُعترف به كحزب وطني، بهدف الحد من التشرذم الحزبي، واعتماد قانون الانتخابات لعام 2024 كأساس للعملية الانتخابية مع إدخال التعديلات المتفق عليها.
كما شدد الاتفاق على الإسراع في إجراء الانتخابات على المستويات المحلية والولائية والفيدرالية، واستكمال الدستور الفيدرالي لضمان شرعية العملية الانتخابية وترسيخ أسس الدولة، مع التدرج نحو نظام الاقتراع المباشر الذي يتيح مشاركة المواطنين بشكل أوسع، بما يشمل المعارضة والموالاة على حد سواء. وأكد رئيس الوزراء الأسبق عمر عبدالرشيد شرماركي أن نحو 70% من القضايا الخلافية في الدستور تم تجاوزها، مشيرًا إلى أن العودة للنظام البرلماني تشكل ضمانة لتحقيق التوازن بين السلطات ومنع تركيز القوة في يد فرد واحد، بما يتوافق مع روح اتفاقية “عرتا” التاريخية.
ويُنظر إلى هذا التفاهم على أنه خطوة مهمة نحو ترسيخ الديمقراطية في الصومال، إلا أن تنفيذه مرهون بعدة عوامل رئيسية، أبرزها مدى التزام الحكومة بتطبيق بنود الاتفاق على أرض الواقع، وقدرة المعارضة على توحيد صفوفها بعد الانقسامات الداخلية، بالإضافة إلى الوضع الأمني الذي لا يزال يشكل تهديدًا، خاصة في المناطق الخاضعة لسيطرة حركة الشباب، وكذلك توفير الدعم المالي والفني اللازم لإنجاح العملية الانتخابية.
وبذلك، يقف الصومال اليوم أمام مفترق طرق؛ إما أن يمثل هذا الاتفاق بداية لمرحلة جديدة من التوافق السياسي والديمقراطية البرلمانية وتوسيع المشاركة الشعبية، أو أن يتحول إلى وثيقة بلا أثر عملي إذا تعثرت تطبيقاته بسبب الخلافات أو التحديات الأمنية، ما يجعل قدرة الحكومة والمعارضة على الالتزام بهذا الاتفاق معيارًا حقيقيًا لمستقبل الدولة في السنوات القادمة.