مقديشو – 25 يونيو 2025
شهد القصر الرئاسي في العاصمة مقديشو، لقاءً سياسيًا نادرًا جمع بين الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود وعدد من الشخصيات السياسية البارزة، من بينهم رؤساء جمهورية ورؤساء وزراء سابقون، إلى جانب برلمانيين وشخصيات وطنية، في إطار مبادرة “ملتقى الحوار الوطني” التي أطلقتها رئاسة الجمهورية بهدف تجاوز حالة الجمود السياسي الذي تمر به البلاد.
اللقاء، بحسب مصادر رسمية، ناقش ملفات مفصلية من أبرزها: استكمال مراجعة الدستور، التحضير لنظام انتخابي جديد، وتحديدًا آلية تشكيل اللجنة الوطنية للانتخابات، بالإضافة إلى قانون الأحزاب السياسية الذي يلقى تباينات واسعة بين الفرقاء السياسيين.
كما تناول الاجتماع الجهود الوطنية لمكافحة الجماعات المسلحة، في ظل استمرار الحملة العسكرية ضد حركة الشباب، والتي تعتبرها الحكومة أحد أولوياتها في المرحلة الحالية.
وأكدت الرئاسة الصومالية، في بيان صدر عقب اللقاء، أن الحكومة ملتزمة بالمضي قدماً في مسار الحوار الوطني الشامل، باعتباره “ركيزة أساسية لتحقيق السلام الدائم، وتعزيز دولة القانون، وفتح آفاق التنمية أمام الشعب الصومالي”.
لكن هذا الالتزام لا يخفي حجم التحديات القائمة، حيث لا تزال الخلافات قائمة بين الحكومة والمعارضة بشأن عدد من القضايا المحورية، أبرزها طبيعة الانتخابات المقبلة، وتكوين اللجنة الوطنية للانتخابات، والآلية القانونية لتنفيذ التعديلات الدستورية التي تم إقرار بعضها مؤخراً وسط اعتراضات.
ولا تقف الخلافات عند حدود المعارضة التقليدية، بل تمتد إلى العلاقة بين الحكومة الفيدرالية وبعض الولايات الأعضاء، لاسيما بونتلاند وجوبالاند، اللتين أعلنتا صراحة رفضهما للخطط السياسية الأخيرة التي تتبناها مقديشو، وعلّقتا تعاونهما مع الحكومة الفيدرالية في عدد من الملفات، ما يعمّق الشرخ في هيكل النظام الفيدرالي الصومالي.
ويرى مراقبون أن الحوار الحالي يمثل اختبارًا حقيقيًا لإرادة الفرقاء الصوماليين في تجاوز الخلافات السياسية والتأسيس لمرحلة من التوافق الوطني الشامل، خصوصًا مع اقتراب البلاد من استحقاقات انتخابية حاسمة خلال العامين القادمين.
في نظر البعض، يحمل اللقاء بصيص أمل لفتح صفحة جديدة في العلاقة بين الحكومة والمعارضة، ويعزز مناخًا من الثقة المفقودة منذ سنوات. في المقابل، يرى آخرون أن هذه الاجتماعات، وإن كانت رمزية، لا تزال تفتقر إلى آليات تنفيذية تضمن ترجمة مخرجات الحوار إلى خطوات عملية.
ومع تزايد الضغوط الإقليمية والدولية على الفرقاء الصوماليين للتوصل إلى تسوية سياسية، تبقى الأيام المقبلة حاسمة في تحديد ما إذا كان هذا اللقاء هو بداية حقيقية لمرحلة تهدئة وتفاهم وطني، أم مجرد محطة عابرة في مشهد سياسي لا يزال يراوح مكانه بين الأمل والتوجس.