مقديشو برس/ بقلم الشيخ عبد الرحمن بشير
إن أرض الصومال ( الجمهورية غير المعترفة ) دوليا تسجل هدفا سياسيا في منطقة قاحلة سياسيا ، و من حسن السياسة حسن التدبير ، ومن حسن التدبير حسن الاختيار ، ومن حسن الاختيار قبول الرأي الشعبي العام فى يوم الانتخابات ، ومن علامات النضج السياسي سيادة الشعب على الحاكم ، ومن علامة السيادة للشعب انتظار النتائج وقبول ما تقول به الصناديق ، ومن الحكمة السياسية وجود هيئة عامة تنظم الانتخابات ، ولها كل الاستقلال من جميع الاتجاهات السياسية ، ولديها قبول مستحق من الناس جميعا ، وكل ذلك واقع في جمهورية أرض الصومال حقيقة ، وإن غذا لناظره قريب .
إن العالم من المشرق إلى المغرب يراقب العملية السياسية فى هذا اليوم التاريخي ، ويزداد الشعب فى هذه البلاد نضجا بتجربته السياسية الرائدة فى المنطقة ، وتعتبر هذه التجربة نادرة ، بل ويتيمة فى منطقتنا ، ومن النضج السياسي نقل هذه التجربة إلى المنطقة بهدوء وسهولة ، ومن الخطورة بمكان إفشال هذه التجربة ، وتحاول جهات عديدة فى العمل لذلك داخليا وخارجيا ، كما قد تحاول بعض الجهات برفض النتائج ، كما قد تحاول جهة أخرى بالتزوير ، ولكن ذلك ليس ممكنا بسهولة فى هذا البلاد ، لأن الظروف السياسي المعقدة لا تسمح بذلك ، ولأن الشعب ليس مستعدا للذهاب إلى هذا المسلك الفاشل .
يعتبر هذا اليوم التاريخي عرسا للديمقراطية فى منطقتنا ، وتعتبر هذه التجربة الرائدة نقطة مهمة فى تاريخ المنطقة ، فليست المنطقة كلها سواء في الفشل السياسي ، ولكنها تعمل فى منطقة رخوة سياسيا ، وتحتاج إلى رعاية كريمة من النخب المالية والفكرية والسياسية والشعبية جميعا .
إن الخروج المبكر للشعب للتصويت ، والصفوف الطويلة من الجنسين ، ومن سائر الفئات الشعبية ، ومن كل الطبقات المتنوعة ، وبوجود الحماس الزائد لإنجاح التجربة ، كل ذلك يؤكد أن مناخ الحرية السياسية قوية فى البلاد ، كما أن وجود الإعلام الحر والمستقل يدل كذلك دلالة قوية بأن الديمقراطية لا تعنى فقط الذهاب إلى الاقتراع ، بل يعتبر ذلك مظهرا من مظاهر الممارسة السياسية ، ولكن العمل الديمقراطي بحاجة إلى وجود الوعي السياسي فى الداخل ، والحذر من المهددات الداخلية والخارجية .