مقديشو برس/ بقلم الصحفي أحمد محمد أحمد
في خطوة تعكس حجم المراهنة السياسية على الإدارة الأمريكية الحالية، وصف رئيس صوماليلاند، عبد الرحمن محمد عبد الله “عرّو”، الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بأنه “الفرصة الأكبر” لتحقيق حلم طال انتظاره: الاعتراف الرسمي بكيانه الذي أعلن انفصاله عن الصومال منذ أكثر من ثلاثة عقود.
عرّو، وخلال مقابلة مع صحيفة نيويورك تايمز، أشار إلى أن رئاسة ترامب الحالية تمثل “الفرصة الأعظم” لصوماليلاند، قائلاً إنه يعتبر ترامب شخصًا “قادرًا على التفاوض” مع الأطراف الدولية بما يخدم مصالح صوماليلاند. وأعرب عرّو عن تفاؤله بأن العقلية التجارية التي يعرف بها ترامب قد تفتح الباب أمام تسوية دبلوماسية تستفيد منها صوماليلاند، مؤكدًا أن هذا هو الوقت الأمثل بعد سنوات من الانتظار.
“أنظر إلى الرئيس ترامب كشخص يمكن التفاوض معه بوضوح ومرونة، ونعتبر ولايته الحالية فرصتنا الأكبر منذ إعلان استقلالنا.”
قاعدة بربرة.. ورقة التفاوض على الطاولة
في إطار تحركاتها الدبلوماسية، تسعى صوماليلاند إلى عرض الامتيازات الاستراتيجية التي تمتلكها على الولايات المتحدة في حال تحقق الاعتراف الرسمي. أبرز هذه الامتيازات هي قاعدة بربرة العسكرية، التي تعد من المواقع الاستراتيجية المطلة على البحر الأحمر.
وبحسب مصادر دبلوماسية، يرى المسؤولون في صوماليلاند أن بربرة يمكن أن تكون نقطة انطلاق للتعاون الأمني مع الولايات المتحدة، خاصة في ظل المنافسة المتزايدة بين الولايات المتحدة والصين على النفوذ في منطقة القرن الإفريقي. وفي هذا السياق، تراهن صوماليلاند على أن توفير قاعدة عسكرية أميركية في هذه المنطقة الحيوية قد يكون حافزًا كافيًا لإقناع واشنطن بالاعتراف بها.
تحركات لوبي جمهوري لدفع الاعتراف
خلال السنوات الأخيرة، استطاعت صوماليلاند أن تبني علاقات قوية مع دوائر القرار في الحزب الجمهوري الأمريكي، الذين يبدون دعماً كبيراً لقضية الاعتراف بها.
عناصر داخل الكونغرس الأمريكي، وفي مقدمتهم أعضاء بارزون في الحزب الجمهوري، يرون في صوماليلاند فرصة استراتيجية لتوسيع النفوذ الأمريكي في منطقة تشهد توترات كبيرة. هؤلاء المشرعون يؤكدون على أن الاعتراف بصوماليلاند سيعزز من قدرة واشنطن على مواجهة التمدد الصيني في المنطقة، حيث تعد صوماليلاند بعيدة عن النفوذ الصيني والتركي، مما يجعلها شريكًا أمنيًا مهمًا.
من ناحية أخرى، تكثف الحكومة الفيدرالية في مقديشو جهودها لتفادي هذا الاعتراف، حيث أرسلت الحكومة الصومالية ممثلة في الرئيس حسن شيخ محمود رسالة إلى نظيره الأمريكي، دونالد ترامب، تدعوه إلى عدم الاعتراف بصوماليلاند.
مقديشو تعتمد على عدة شركات ضغط في واشنطن لإقناع ترامب بأن دعم وحدة الصومال سيخدم المصالح الأمريكية على المدى الطويل، وتقديم بدائل في مجال التعاون العسكري والاقتصادي في إطار دعم الحكومة الفيدرالية. كما تسعى الحكومة الصومالية لعرض الفرص التي يمكن أن توفرها الموانئ والمطارات والتي تحتل مواقع استراتيجية قريبة من البحر الأحمر.
تستعد صوماليلاند لإرسال وفد رفيع المستوى إلى الولايات المتحدة في مايو المقبل، في خطوة تمهد لزيارة رسمية سيقوم بها الرئيس عرّو إلى واشنطن في يوليو القادم. الزيارة المرتقبة تهدف إلى دفع قضية الاعتراف بكيانها في محفل دولي بشكل أكثر رسمية، مع إظهار الدعم الدولي الذي تحظى به.
ويعتبر المراقبون أن هذه الزيارات ستكون حاسمة في تحديد مصير طموحات صوماليلاند، خاصة في ظل التنافس الدولي في منطقة البحر الأحمر وما تحمله من مصالح استراتيجية للولايات المتحدة.
في النهاية، يبقى السؤال الأهم هو ما إذا كان الرئيس ترامب، الذي يعرف بقراراته المفاجئة والمباغتة، سيمنح صوماليلاند الضوء الأخضر الذي طالما حلمت به. فبينما يدفع الجمهوريون نحو الاعتراف، تبقى حسابات السياسة الأمريكية معقدة، وقد تؤثر عوامل أخرى في هذا الملف المعقد. في هذا السياق، يترقب الجميع ما ستسفر عنه الأشهر القادمة.