مقديشو برس/ الأناضول
مع استمرار الحرب في السودان، ودخول الخرطوم في قطيعة مع الهيئة الحكومية للتنمية بشرق إفريقيا (إيغاد)، زار رئيس مجلس السيادة الانتقالي السوداني عبد الفتاح البرهان الجزائر، في تطور لافت.
عبر هذه الزيارة، وبحسب محلل سياسي في حديث للأناضول، يحاول البرهان، وهو أيضا قائد الجيش، الاستعانة بالجزائر لخلق توازن مع “إيغاد” التي تواجه اتهامات سودانية بالانحياز إلى الطرف الآخر في الصراع.
ومنذ أبريل/ نيسان 2023 تتواصل حرب بين الجيش السوداني و”قوات الدعم السريع” شبه العسكرية، بقيادة محمد حمدان دقلو (حميدتي)؛ مما خلف أكثر من 13 ألف قتيل ونحو 8 ملايين نازح، وفقا للأمم المتحدة.
البرهان زار الجزائر في 28 و29 يناير/ كانون الثاني الماضي، وأجرى مباحثات مع رئيسها عبد المجيد تبون، تناولت سبل دعم التعاون بين البلدين.
كما أطلع البرهان، وفقا لبيان صدر عن مجلس السيادة، تبون على “تطورات الأوضاع في السودان، على خلفية تمرد مليشيا الدعم السريع على الدولة ومؤسساتها واستهدافها للمدنيين والبنى التحتية”.
ويقول مراسل الأناضول إن الزيارة أثارت تساؤلات عديدة بشأن توقيتها وهدفها وجدواها والدور الذي يمكن أن تلعبه الجزائر في حل الأزمة السودانية.
دور جزائري
تحظى الجزائر بتواجد نشط على الصعيدين الإقليمي والدولي من خلال عضويتها غير الدائمة في مجلس الأمن الدولي وقيادتها المجموعة الإفريقية في المجلس.
كما ستخوض الجزائر المنافسة على رئاسة الاتحاد الإفريقي لمدة عام، خلال الدورة 37 للقمة الإفريقية في أديس أبابا يومي 17 و18 فبراير/ شباط الجاري، وهو المنصب الذي سيذهب لشمال إفريقيا هذه الدورة.
وبزيارته الجزائر، يهدف البرهان، بحسب مراقبين، إلى الاستفادة من إمكانياتها ومكانتها الإفريقية في دعم الحكومة والجيش في مواجهة قوات “الدعم السريع”، التي تقول الخرطوم إنها مدعومة من دول إقليمية.
وعقب اللقاء مع تبون، قال البرهان إنه لمس تفهما كبيرا من الجانب الجزائري للأوضاع في السودان، وإن الخرطوم ترحب بأي دور جزائري يسهم في معالجة الأزمة.
فيما قال تبون إن “الجزائر تقف إلى جانب السودان لتجاوز الظروف الصعبة وقوى الشر (لم يحددها) التي تستهدف البلاد”، من أجل إيجاد حلول سلمية لمشكله، مع الإيمان بمبدأ عدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول.
وشدد على أن بلاده، ومن خلال عضويتها في مجلس الأمن، ستبذل قصارى جهدها لحل قضايا السودان.
وجاءت زيارة البرهان إلى الجزائر في ظل خلافات بين السودان و”إيغاد”، إذ جمدت الخرطوم في 20 يناير الماضي عضويتها في الهيئة الإفريقية التي كانت ترعي جهودا لحل الأزمة عبر محاولة عقد لقاء مباشر بين البرهان وحميدتي.
الخرطوم أرجعت التجميد إلى ما قالت إنه “تجاهل المنظمة لقرار السودان، الذي نُقل إليها رسميا بوقف انخراطه وتجميد تعامله معها في أي موضوعات تخص الوضع الراهن في السودان”.
وقبل تجميد العضوية بيومين، دعت قمة دول “إيغاد”، في أوغندا، طرفي النزاع في السودان إلى عقد اجتماع مباشر خلال أسبوعين والالتزام بالحوار، مؤكدة ضرورة الوقف الفوري وغير المشروط لإطلاق النار.
و”إيغاد” منظمة حكومية إفريقية شبه إقليمية، تأسست عام 1996، وتتخذ من جيبوتي مقرا لها، وتضم دولا من شرق إفريقيا هي: السودان وجنوب السودان وإثيوبيا وكينيا وأوغندا والصومال وجيبوتي وإريتريا.
خلق توازن
المحلل السياسي أيمن إبراهيم قال للأناضول إن زيارة البرهان إلى الجزائر “تشير إلى محاولة خلق توازن بعد الخلافات مع إيغاد وتجميد السودان عضويته في الهيئة”.
وأضاف: كما تشير إلى “محاولة مجابهة التحركات الدبلوماسية التي قام بها حميدتي في عدد من دول المنطقة”.
وفي 27 ديسمبر/كانون الأول 2023، بدأ حميدتي جولة إقليمية ماراثونية غير مسبوقة قادته إلى أوغندا وإثيوبيا وجيبوتي وكينيا وجنوب إفريقيا ورواندا.
وتابع إبراهيم أن “الحكومة السودانية، بقيادة البرهان، ترغب كذلك في الاستفادة من عضوية الجزائر في مجلس الأمن الدولي والاتحاد الإفريقي كحليف مساند لرؤيتها، مع الأخذ في الاعتبار الاحترام الذي تحظى به في المنطقة”.
ومستبعدا أن تقود الجزائر جهدا منفردا للتوسط في الأزمة السودانية، قال إبراهيم إنها “ستعمل ربما على دفع الجهود القائمة التي تقودها السعودية في منبر جدة (استضاف مباحثات غير مباشرة لم تتمكن من إنهاء الحرب)، لخلق بيئة مناسبة للتوصل إلى اتفاق يفضي الى حل الأزمة الراهنة