الكاتب : خالد عبد الحكيم أحمد (كاتب وباحث صومالي)
يعاني الصومال منذ الاستقلال 1960 حتى الآن من أزمة في النظام السياسي تحول دون استقراره حيث شهد أغلب فترات الحكم خلافات شديدة بين الرئيس ورئيس وزرائه في فترة الديمقراطية (1960-1969) ومنذ 2000 حتى الآن ومما زاد الطين البلة تفاهمات مؤتمر المصالحة في جيبوتي والذي أوجد نظام المحاصصة القبيلة (4 قبائل كبيرة تتقاسم السلطة بالتساوي وبين مجموعة قبائل صغيرة يكون لها نصف حصة قبيلة كبيرة (4.5)، مما جعل الدولة مرهونة بنظام عقيم، ولا تقوم بوظائفها حيث النظام نظام برلماني محض ولا نظام رئاسي محض، وصلاحيات كل من الرئيس ورئيس الوزراء متشابه وللأسف هرم السلطة التنفيذية قائم على الازدواجية بين رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة وهناك حتمية الخلاف بينهما إلا في تلك الفترات التي تستخدم شعرة معاوية من أحد القطبين.
وبخصوص البرلمان (مجلس الشعب+ مجلس الشيوخ) فالنظام السياسي الصومالي الحالي يمنح سلطات واسعة يهيمن فيها على الجانب التنفيذي من خلال انتخابه لرئيس الجمهورية ومنحه الثقة رئيس الوزراء وبرنامجه الحكومي ومنح ثقة لوزراء حكومته، وحيث يستطيع مجلس الشعب سحب الثقة من رئيس الوزراء وأيضا من الوزراء، فحسب التاريخ السياسي فإن مجلس الشعب غالبا ما كان يٌستخدم من قبل الرئيس لطرد رئيس الوزراء عبر مجلس الشعب ولم يشهد الصومال طيلة 23 سنة الماضية فقدان وزير لثقة مجلس الشعب بالمقابل تم إسقاط 9 رؤساء مجلس الوزراء عبر مجلس الشعب من خلال رغبة مشتركة بين الرئيس وأعضاء في مجلس الشعب يأملون أن يصبحوا وزراء في التشكيلة
على ضوء تلك المعطيات فإن النظام البرلماني الحالي لا يصلح للصومال وهو شعور أغلب الشعب الصومالي وأيضا كثير من النخب السياسية المخلصة، ولأول مرة في التاريخ اتفق الرئيس الدكتور حسن شيخ محمود والحكومة الفيدرالية ورؤساء الولايات تعديلات دستورية تنقل البلد إلى النظام الرئاسي واضح معالم يتم انتخاب الرئيس ونائبه مباشرة من الشعب حيث كان يتم انتخاب الرئيس من قبل البرلمان وأيضا نظام انتخابي مبني على الأحزاب.
يخطأ السياسيون عندما يعتقدون أن النظام الرئاسي يعني غياب البرلمان وإلغاء دوره بل على العكس، يعزز فصل السلطات التنفيذية والتشريعية ويعزز دور البرلمان ولكن يجب القول إن الخلل الذي أصاب الدولة الصومالية وعدم إصلاحه رغم مرور 23 سنة ، وتأقلم الكل على تلك الضبابية بين صلاحيات الرئيس ورئيس الوزراء جعلت مهمة إصلاحه ليس باليسيرة وما يشهد الوضع السياسي من معارضة البعض لتعديلات المرتقبة للدستور، أتصور أن المشكلة في الصومال هي أن أغلب القوى لا تريد أن تخوض في إصلاح النظام السياسي خشية أن تفقد مواقعها ونفوذها ومكتسباتها السياسية والمالية الحالية.
مقارنة بين النظامين البرلماني والرئاسي
وبالمقارنة بين النظامين الرئاسي والبرلماني، أن الفرق بين النظامين يرتبط بآليات الانتخاب، والصلاحيات التي ستجمع بيد رئيس الجمهورية بالنسبة للنظام الرئاسي حيث يكون أكثر مركزية، على عكس النظام البرلماني أن لكلا النظامين له إيجابيات وسلبيات، وفي النظام الرئاسي يكون بيد الرئيس صلاحيات كبيرة تعطيه قدرة أكثر على التعاطي القضايا الملحة المحلية والدولية بمرونة وثقة وقوة، ولكن مما يخافه البعض هو احتمالية التفرد باتخاذ القرارات، ما لم تكن هناك رقابة على الرئيس، وللنظام البرلماني له سلبيات وإيجابيات ولكن حسب التجربة السياسية الصومال النظام البرلماني فاشل وترك انطباعا بأنه نظام خلافات وأغلب الدول المنطقة غالبا تتبع النظام الرئاسي.
إن النظام البرلماني إذا ما وجد في بلد ضعيف مثل الصومال، فإن احتمالات فشله قوية.
لكي نتجاوز الإخفاقات السياسية الماضية علينا تأييد والوقوف ومساندة –
-
أن يكون للبلد دستور دائم وتطوير الدستور الانتقالي الحالي.
-
الانتقال من المحاصصة القبيلة عبر النظام الديمقراطي المبني على منافسة الحزبية وتنال مناصب الدولة على أساس الكفاءة والنزاهة وليس على أساس القبلي.
-
حث البرلمان على موافقة أن تنتقل البلاد إلى النظام الرئاسي لكي يصبح الصومال قويا تحت قيادة رئيس منتخب من الشعب.
-
تعزيز نظام فصل السلطات حيث للبرلمان دوره وللقيادة التنفيذية دورها
-
تعزيز النظام الفيدرالي من خلا فصل صلاحيات الحكومة الفيدرالية بين الولايات.
نعم الصومال تحتاج إلى تغيير نظامها السياسي من البرلماني أو إلى نظام رئاسي.
شخصيا أرى أن تغيير نظام الحكم إلى رئاسي، كونه الأصلح للصومال
وأقول إن تغيير النظام السياسي يحتاج إلى موافقة وتنازلات سياسية من الجميع.
====================================================
ملاحظة: جميع الآراء الواردة في هذا المقال تعبر عن رأي كاتبها ولا تعبر عن موقع مقديشو برس